الأرض تجري فيها، فليس من الماء الجاري ما لا يكون نابعا من الأرض وإن اتخذ له مجاري على وجه الأرض أو في سفوح الجبال، نعم يكون من الكثير المعتصم إذا كان أكثر من الكر. وقد يكون من ذي المادة إذا اجتمع منه في العالي ما يكون له مادة عاصمة ثم انحدر الزائد منه في المجاري إلى السافل، وقد تقدم بيان ذلك.
وليس من الماء الجاري ما يكون واقفا عن الجريان على وجه الأرض أو في باطنها وإن كان نابعا كالعيون الواقفة، وإن كان له حكم الماء الجاري على الأقوى، فيكون ماؤها معتصما إذا كان متصلا بالمنبع وإن كان أقل من الكر.
[المسألة 40] الماء الجاري لا ينجس بملاقاة النجاسة إذا كان متصلا بالمنبع، وإن كان أقل من الكر، إلا أن يتغير بالنجاسة لونه أو طعمه أو رائحته، فيحكم بنجاسته حينذاك وإن كان أكثر من الكر، وإذا زال تغيره طهر بتدافع المنبع عليه وامتزاجه به في الجملة، وكذلك إذا تغير بعض الجاري وكان الباقي منه كرا أو متصلا بالمنبع وإن كان أقل من الكر.
وإذا كان الماء منفصلا عن المنبع كما إذا كان المنبع يتقاطر من السقف أو يترشح من صخرة عالية وكان المجرى الذي يسيل فيه الماء غير متصل به فالظاهر أن ذلك الماء يتنجس بملاقاة النجاسة إذا كان دون الكر، وإذا لاقت النجاسة موضع نبع الماء أو موضع رشحه لم ينجس.
[المسألة 41] يعتبر في الماء الجاري أن يكون متصلا بالمنبع بالفعل، فإذا انقطع اتصاله بالمنبع لترسب بعض الأوساخ والطين في فم المنبع فمنعه عن النبع لحق الماء حكم الراكد، وإذا أزيلت الرواسب منه وحصل الاتصال بالفعل كان له حكم الجاري.