يصل إليها المسلم بنفسه، باستعمال عقله وتفكيره واطلاعه.
وأما فروع الدين أو أحكام الشريعة المقدسة، فلا بد فيها من الرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص، لأن استنباطها علم تخصصي من أدق العلوم، وقد جرت سيرة العقلاء في كل المجتمعات على الرجوع إلى أهل الخبرة في العلوم، وأمضت ذلك آيات القرآن وروايات الحديث.
من هنا كان واجب المكلف الذي لا يعرف أحكام الشريعة المقدسة أن يقلد مرجع التقليد المجتهد الأعلم الجامع لشرائط التقليد، فيأخذ بفتاواه في أمور سلوكه.
فالمسألة عند المتدين أن الله تعالى أنزل شريعة فيها أحكام للشؤون الفردية والاجتماعية لكل الناس وكل العصور، وفيها تكاليف وأوامر ونواه تخصه شخصيا في أمور عباداته ومعاملاته، ولا طريق له لتبرئة ذمته من مسؤوليتها والنجاة من عقاب مخالفتها، إلا بمعرفتها وتطبيقها، ولا طريق إلى معرفتها إلا بالأخذ بفتوى الخبير المختص، أي المرجع الجامع للشرائط.
فالتقليد والعمل بالفتوى إذن، من الأمور الضرورية عند المسلم المتدين، وليس من الأمور الكمالية. ولذا كانت سيرة المسلمين عموما على مر التاريخ الرجوع إلى كبار الفقهاء، وكانت سيرة أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام معرفة قدر مراجع التقليد ومقامهم، وطلب رسائلهم العملية، وإرسال الاستفتاءات إليهم.
وقد ألف سيدنا المرجع آية الله العظمى السيد محمد رضا الموسوي الگلپايگاني مد ظله من أكثر من ثلاثين سنة وإلى اليوم عدة كتب، وأجاب على ألوف الاستفتاءات وربما عشرات الألوف. وكان مما كتب تعليقته على رسالة وسيلة النجاة للمرجع الراحل آية الله العظمى السيد أبو الحسن الأصفهاني قدس سره.