ومن هنا يعلم فساد الاستدلال على هذا المطلب، بمنافاة ذلك للاخلاص في العمل لانتقاضه طردا وعكسا بالمندوب والواجب التوصلي {1}.
مع أن المؤجر ربما ينتفع بمنفعة عائدة إلى غيره، كما إذا انتفع من تعلم أحكام الصلاة مثلا من فعل المستأجر صلاة الظهر عن نفسه، بل يمكن أن يقال: إن التسبيب إلى تحقق الخير والإعانة على البر والتقوى مما يترتب عليه الثواب - أي الفائدة الأخروية - فالاستئجار المزبور لترتب هذه الفائدة عليه لا يكون سفهيا.
اللهم إلا أن يقال: إن هذه فائدة فعل المؤجر نفسه والذي يعتبر في خروج الإجارة عن السفهية وكونها أكلا للمال بالباطل كون العمل المستأجر عليه مما له فائدة عائدة إلى المؤجر، إذ هو المقابل بالمال.
مضافا إلى أن كون الله مطاعا لو كان هو المقصود من الإجارة لما كانت الإجارة سفهية كما لا يخفى.
وأما الثاني: فلأن حقيقة الإجارة لا تقتضي أزيد من قابلية العمل لصيرورته مملوكا للمستأجر، وأما كون المنفعة راجعة إليه فهو مما لم يدل عليه دليل.
{1} الأمر الثاني: إن الاستدلال على عدم جواز أخذ الأجرة على الواجب، بمنافاة ذلك للاخلاص في العمل.
غير تام، لأن العجز عن العمل لأحل عدم تمشي القربة موجود في العبادات غير الواجبة والقدرة عليه لأحل عدم اعتبار القربة في التوصلي من الواجب ثابتة، فهذا الوجه غير مربوط بمورد النقض والابرام، ولا ملازم له كي يصح الاستدلال المزبور.
وعليه فلا يرد عليه ما أورده السيد الفقيه، بقوله: الانتقاض الطردي لا يضر بالاستدلال، إذ لا مانع من كون الدليل أعم من المدعى في الجملة، وأما الانتقاض العكسي فهو مضر إن كان الغرض إثبات تمام المدعى كما هو الظاهر في المقام.
لكن لا يخفى أن هذا الوجه لم يظهر مما ذكره في قوله: واعلم... إلى آخره.