منهاج الفقاهة - السيد محمد صادق الروحاني - ج ٢ - الصفحة ١٩٨
نعم ربما يتوهم انصراف الاطلاقات الواردة إلى القدرة العرفية الغير المحققة في المقام لكنه تشكيك ابتدائي لا يضر بالاطلاقات وأضعف منه ما ذكره بعض بعد الاعتراض على ما في المسالك بقوله: ولا يخفى ما فيه، قال: ويمكن توجيه عدم الوجوب بتعارض ما دل على وجوب الأمر بالمعروف وما دل على حرمة الولاية عن الجائر بناء على حرمتها في ذاتها والنسبة عموم من وجه فيجمع بينهما بالتخيير المقتضي للجواز رفعا لقيد المنع من الترك من أدلة الوجوب، وقيد المنع من الفعل من أدلة الحرمة. وأما الاستحباب فيستفاد حينئذ من ظهور الترغيب فيه في خبر محمد بن إسماعيل وغيره الذي هو أيضا شاهد للجمع خصوصا بعد الاعتضاد بفتوى المشهور وبذلك يرتفع اشكال عدم معقولية الجواز بالمعنى الأخص في مقدمة الواجب ضرورة ارتفاع الوجوب للمعارضة إذ عدم المعقولية مسلم فيما لم يعارض فيه مقتضى الوجوب انتهى.
وفيه أن الحكم في التعارض بالعموم من وجه هو التوقف والرجوع إلى الأصول لا التخيير كما قرر في محله ومقتضاها إباحة الولاية للأصل ووجوب
____________________
أن دليل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مقيد بالقدرة الشرعية، ودليل حرمة الولاية مطلق من هذه الجهة، وقد حقق في محله أنه إذا تزاحم تكليفان أحدهما مشروط بالقدرة شرعا دون الآخر يقدم المشروط بالقدرة عقلا على المشروط بالقدرة شرعا. إذ ملاك الحكم غير المشروط بالقدرة شرعا تام لا قصور فيه، ولا مانع عن جعل الحكم على طبقه فيكون حكمه فعليا وموجبا لعجز المكلف عن امتثال التكليف الآخر ومانعا عن تحقق ملاكه المتوقف على القدرة عليه على الفرض.
وهذا بخلاف المشروط بالقدرة شرعا، إذ جعله يتوقف على تمامية ملاكه، وهي تتوقف على عدم فعلية الحكم الآخر، فلو استند عدم فعليته إلى فعلية الحكم المشروط بالقدرة شرعا لزم الدور، وهذا الوجه هو الذي أشار إليه في محكي الكفاية، وهو حسن إن ثبت كون وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مشروطا بالقدرة شرعا، وإلا فيكفي في نفي اعتبارها اطلاق الأدلة، وحيث إنه لا دليل عليه والانصراف لو كان فإنما هو بدوي يزول بأدنى التفات، فالصحيح عدم تمامية هذا الوجه.
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»
الفهرست