منهاج الفقاهة - السيد محمد صادق الروحاني - ج ٢ - الصفحة ١٨٠
والظاهر حرمته من حيث الباطل يعني الكذب وإلا فهو في نفسه ليس بمحرم وعلى هذا التفصيل دل غير واحد من الأخبار، وظاهر المبسوط وابن حمزة التحريم مطلقا كبعض الأخبار وكلاهما محمولان على المقيد جمعا.
____________________
الثالث: القول بالتفصيل بين النوح بالباطل فيحرم، وبين النوح بالحق أي ما لم يستلزم محرما فيجوز، نسبه في الحدائق إلى المشهور.
ثم إن القائلين بالقول الثالث اختلفوا على أقوال:
منها: جواز النوح بالحق على كراهة.
ومنها: جوازه من غير كراهة.
ومنها: جوازه على كراهة إذا اشترطت فيه الأجرة، وإلا فلا كراهة فيه.
والنصوص الواردة في الباب على طوائف:
الأولى: ما دل على جوازها مطلقا.
كحسن الحسين بن زيد قال: ماتت ابنة لأبي عبد الله عليه السلام فناح عليها سنة، ثم مات له ولد آخر فناح عليه سنة، ثم مات إسماعيل فجزع عليه جزعا شديدا فقطع النوح فقيل لأبي عبد الله عليه السلام أيناح في دارك؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما مات حمزة قال: لكن حمزة لا بواكي عليه (1).
وصحيح يونس بن يعقوب عن الإمام الصادق عليه السلام: قال لي أبي: يا جعفر أوقف لي من مالي كذا وكذا لنوادب تندبني عشر سنين بمنى أيام منى (2). اللهم إلا أن يقال: إنه مختص بالنوح على الإمام ويحتمل اختصاص ذلك بالأئمة عليهم السلام لما فيه من تشييد حبهم وبغض ظالميهم في القلوب، وهما العمدة في الايمان. وبذلك يظهر حال ما تضمن نوح فاطمة عليها السلام لأبيها صلى الله عليه وآله، بل والفاطميات في كربلاء وغيرها.

1) الوسائل، باب 71، من أبواب الدفن وما يناسبه، حديث 2.
2) الوسائل، باب 17، من أبواب ما يكتسب به، حديث 1.
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست