وفيه أيضا: " فوالله ما زلت مدفوعا عن حقي مستأثرا على منذ قبض الله نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى يوم الناس هذا. " (1) إلى غير ذلك من كلماته (عليه السلام) في خطبه وكتبه واحتجاجاته.
ويعجبني هنا نقل حوار جرى بين هشام بن الحكم من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) وبين عمرو بن عبيد المعتزلي البصري:
قال هشام:
" دخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة، فإذا أنا بحلقة كبيرة فيها عمرو بن عبيد، وعليه شملة سوداء متزر بها من صوف وشملة مرتد بها، والناس يسألونه. فاستفرجت الناس فأفرجوا لي، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ثم قلت: أيها العالم، إني رجل غريب تأذن لي في مسألة؟ فقال لي: نعم. فقلت له: ألك عين؟ فقال: يا بنى، أي شئ هذا من السؤال وشىء تراه كيف تسأل عنه؟! فقلت:
هكذا مسألتي. فقال: يا بنى، سل وان كانت مسألتك حمقاء.
قلت: أجبني فيها، قال لي: سل. قلت: ألك عين؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع بها؟
قال: أرى بها الألوان والأشخاص. قلت: فلك أنف؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع به؟
قال: أشم به الرائحة. قلت: ألك فم؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع به؟ قال: أذوق به الطعم.
قلت: فلك اذن؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع بها؟ قال: أسمع بها الصوت. قلت: ألك قلب؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع به؟ قال: أميز به كلما ورد على هذه الجوارح و الحواس.
قلت: أو ليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟ فقال: لا. قلت: وكيف ذلك وهى صحيحة سليمة؟ قال: يا بنى، ان الجوارح إذا شكت في شئ شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ردته إلى القلب، فيستيقن اليقين ويبطل الشك.
قال: هشام: فقلت له: فإنما أقام الله القلب لشك الجوارح؟ قال: نعم. قلت:
لابد من القلب وإلا لم تستيقن الجوارح؟ قال: نعم. فقلت له: يا أبا مروان، فالله -