وكلمة الأمر في الآية الشريفة وفي الروايات ينصرف إلى الحكومة، أو هي القدر المتيقن منه.
فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة. " (1) وفي نهج البلاغة: " فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة. " (2) وفي كتاب الحسن المجتبى (عليه السلام) إلى معاوية: " ولاني المسلمون الأمر بعده. " (3) إلى غير ذلك من موارد استعمال الكلمة.
وعلى هذا فالولاية تنعقد بشورى أهل الخبرة وانتخابهم ويتعقبه انتخاب الأمة قهرا، فإن انتخاب أهل الخبرة لأحد إذا كانوا منتخبين من قبل الأمة أو معتمدين عندها يستعقب بالطبع غالبا رضا الأمة وانتخابها أيضا، كما هو المشاهد في جميع الملل.
وقد جعل أكثر المسلمين الشورى أساسا للخلافة بعد النبى الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونحن الشيعة الإمامية وإن ناقشناهم في ذلك لثبوت النص عندنا على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة من ولده. ولكن عند فقد النص كما في عصر الغيبة إن قلنا بدلالة المقبولة ونظائرها على النصب العام فهو وإلا وصلت النوبة إلى الشورى قهرا بمقتضى عموم الآية والروايات.
لا يقال: الموضوع في الآية الأمور المضافة إلى المؤمنين. وكون الولاية منها أول الكلام لأنها عهد الله - تعالى - كما يشهد به قوله في قصة إمامة إبراهيم وطلبه إياها لذريته: " لا ينال عهدي الظالمين ". فالولاية والإمامة أمر الله وعهده، لا أمر المؤمنين.
فإنه يقال: لا منافاة بين كونها أمر الله وعهده بعناية، وبين كونها من أمور الأمة كما يشهد بذلك مضافا إلى وضوح ارتباطها بهم التعبيرات الواردة في الأخبار وقد مر بعض منها.