العزيز: " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل، ترهبون به عدو الله و عدوكم. الآية. " (1) ولعله لا يتيسر أيضا في بعض الأحيان إلا بالتكتل والتشكل ولو خفية، ولا محالة يتوقف ذلك على أن يؤمروا على أنفسهم رجلا عالما عادلا بصيرا بالأمور، ويلتزموا بإطاعته حتى ينصرهم الله بتأييده ونصره، كما اتفق ذلك في أكثر الثورات الناجحة في العالم. وفي القرآن الكريم ان بني إسرائيل قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله، فبعث الله لهم طالوت ملكا (2). فيعلم بذلك ان القتال يتوقف على وجود القائد الجامع للشتات. وان شئت فسم هذا القائد أيضا إماما، ولكن وجوده شرط لتحقق القتال لاشرط لوجوبه، بخلافه في الجهاد الابتدائي فإن الإمام شرط لوجوبه، كما مر. بل يمكن أن يقال: إن الإمام في كلا القسمين شرط للوجود لا للوجوب، كما يأتي نظيره في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر المتوقفين على الضرب والجراح، فانتظر.
وقد تحصل مما ذكرنا أن الجهاد من أهم الواجبات وأنه ينقسم عندهم إلى قسمين: ابتدائي ودفاعي. والأول على ما قالوا وجوبه مشروط بالإمام، ولكن الإمام لا ينحصر في الإمام المعصوم على الأقوى، فيشمل الفقيه الجامع للشرائط أيضا، وأما الجهاد الدفاعي فلا يتوقف وجوبه على الإمام. نعم، ربما يتوقف وجوده على التجمع والتشكل، وهو لا محالة يتوقف على وجود القائد والإمام. فهو شرط للوجود لا للوجوب، كما لا يخفى، فيجب تحصيله.
وكيف كان فالجهاد الدفاعي واجب ولو في عصر الغيبة بلا إشكال.
نعم، هنا أخبار ربما تمسك بها بعض من يوجب السكون والسكوت في قبال الجنايات وهجوم الأعداء في عصر الغيبة، ويصرون على عدم التدخل في الشؤون السياسية وإقامة الدولة. وقد تعرض لهذه الأخبار صاحب الوسائل في الباب