الإجارة.
حال بقوله: أعطى الأجير فلا ضمان عليه وإن شرط، لأن عندنا إن شرط كان الضمان عليه بالشرط وإن أعطى الأجر.
وقال الليت: والصناع كلهم ضامنون لما أفسدوا أو هلك عندهم وهذا أيضا كموافقة للإمامية إذا أراد بالصناع من كان مشتركا وخاصا، وللشافعي في ذلك قولان: أحدهما يضمن والآخر لا يضمن إلا ما جنت يده.
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد، وأيضا فإن من خالفنا في هذه المسألة على تباين أقوالهم يرجعون فيها إلى ما يقتضي الظن من قياس أو خبر واحد ونحن إلى ما يقتضي العلم فقولنا أولى على كل حال.
ومما يمكن أن يعارضوا به لأنه موجود في رواياتهم وكتبهم ما يروونه عن النبي صلى الله عليه وآله من قول: على اليد ما أخذت حتى تؤديه، وهذا يقتضي ضمان الصناع على كل حال وإذا خصصوه احتاجوا إلى دليل ولا دليل لهم على ذلك.
مسألة أيضا في الإجارة: ومما انفردت به الإمامية القول بجواز أن يؤجر الانسان شيئا بمبلغ بعينه فيؤاجره المستأجر بأكثر منه إذا اختلف النوعان كأنه استأجره بدينار فإنه يجوز له أن يواجره بأكثر من قيمة الدينار من الحنطة والشعير وما أشبه ذلك، وكذلك يجوز أن يستأجره بدينار ويؤاجر بثلاثين درهما، لأن الربا لا يدخل مع اختلاف النوع، وهذا متى لم يحدث فيما استأجره حدثا يصلحه به فإن زاد فيه ما فيه نفع ومصلحة جاز أن يؤاجره بأكثر مما استأجره على كل حال من غير تخصيص، وخالف باقي الفقهاء في ذلك، فقال أبو حنيفة وأصحابه لا يجوز للمستأجر أن يؤجر ما استأجره قبل القبض، ويجوز بعد القبض، فإن أجر بأكثر تصدق بالفضل إلا أن يكون أصلح فيه شيئا أو بنى فيه بناء وهو قول الثوري والأوزاعي والحسن بن حي، وقال مالك والبستي والليث والشافعي: لا بأس بأن يؤاجره بأكثر ولا يتصدق بشئ.
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتردد أن المستأجر مالك للنافع، وقد أجازت الشريعة ملك المنافع، فجرى مجرى ملك الأعيان في جواز التصرف فيها فللمالك أن يتصرف في ملكه بحسب اختياره من زيادة أو نقصان، والأصل في العقول والشريعة جواز تصرف المالك في ملكه إلا أن يمنع مانع ولا مانع هاهنا فيما ذكرناه.