فيه بالخيار فهو بالخيار أبدا حتى يقول: قد رضيت. وذهب أبو حنيفة وزفر إلى أنه لا يجوز أن يشرط الخيار أكثر من ثلاثة أيام، فإن فعل فسد البيع وهو قول الشافعي.
دليلنا على ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد، وأيضا فإن خيار الشرط إنما وضع لتأمل حال المبيع، وقد تخلف أحوال تأمله في الطول والقصر فجاز أن يزيد على الثلاث كما جاز أن ينقص عنها، ولا يلزم على ذلك أن يثبت بلا انقطاع لأن ذلك ينقض الغرض بالبيع، فإن اعترض المخالف بما يروونه عن النبي ص من أنه قال: الخيار ثلاثة أيام، فالجواب عن ذلك إن هذا خبر واحد، وقد بينا أن أخبار الآحاد لا يعمل عليها في الشريعة وبإزائه الأخبار الواردة بجواز الخيار أكثر من ثلاثة أيام، ولأن قوله ع: الخيار ثلاثة أيام لا يمنع من زيادة عليها، كما لم يمنع من نقصان عنها.
فإذا قيل: زيادة خيار الشرط على الثلاثة أيضا غرر، ودخول الغرر في البيوع لا يجوز.
قلنا: وثبوته في الثلاثة أيضا غرر لأنه لا يدري في هذه المدة أ يحصل له البيع أولا يحصل، ومع ذلك فقد جاز البيع مع ثبوت هذا الغرر.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بجواز شراء العبد الآبق مع غيره، ولا يشترى وحده إلا إذا كان بحيث يقدر عليه المشتري. وخالف باقي الفقهاء في ذلك، وذهبوا إلى أنه لا يجوز بيع الآبق على كل حال إلا ما روي عن عثمان البستي أنه قال: لا بأس ببيع الآبق والبعير الشارد وإن هلك فهو من مال المشتري، وهذا كالموافقة للإمامية، إلا أنه لم يشرط أن يكون معه في الصفقة غيره كما شرطت الإمامية.
والدليل على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتكرر، ومعول مخالفينا في منع بيعه على أنه بيع غرر، وأنه نبينا ع نهى عن بيع الغرر، وربما عولوا على أنه مبيع غير مقدور على تسليمه فلم يصح بيعه كالسمك في الماء والطير في الهواء، وهذا ليس بصحيح لأن هذا البيع يخرجه من أن يكون غررا لانضمام غيره إليه، كبيع الثمرة الموجودة بعضها، والمتوقع وجود باقيها، وهذا هو الجواب عن قياسهم، وإن كنا قد بينا أن القياس لا مدخل له في الشريعة، لأنه لا يمكن تسليم، وإن جميع الثمرة التي وقع عليها العقد في وقت الصفقة وإن كان العقد جائزا.