الذمة وبيع خيار الرؤية.
فأما بيع الأعيان المرئية: فهو أن يبيع انسان عبدا حاضرا أو ثوبا حاضرا أو عينا من الأعيان حاضرة فيشاهد البائع والمشتري ذلك، فهذا بيع صحيح بلا خلاف.
وأما بيع الموصوف في الذمة: فهو أن يسلم في شئ موصوف إلى أجل معلوم ويذكر الصفات المقصودة، فهذا أيضا صحيح بلا خلاف.
وأما بيع خيار الرؤية: فهو بيع الأعيان الغائبة، وهو أن يبتاع شيئا لم يره مثل أن يقول:
بعتك هذا الثوب الذي في كمي، أو: الثوب الذي في الصندوق، وما أشبه ذلك، فيذكر جنس المبيع فيتميز من غير جنسه ويذكر الصفة. ولا فرق بين أن يكون البائع رآه والمشتري لم يره أو يكون المشتري رآه والبائع لم يره أو لم يرياه معا، فإذا عقد البيع ثم رأى المبيع فوجده على ما وصفه كان البيع ماضيا، وإن وجده بخلافه كان له رده وفسخ العقد.
ولا بد من ذكر الجنس والصفة، فمتى لم يذكرهما أو واحدا منهما لم يصح البيع، ومتى شرط المشتري خيار الرؤية لنفسه كان جائزا، فإذا رآه بالصفة التي ذكرها لم يكن له الخيار وإن وجده مخالفا كان له الخيار هذا إذا لم يكن رآه، وإن كان قدر رآه فلا وجه لشرط الرؤية لأنه عالم به قبل الرؤية، وقوله تعالى: إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم، يدل أيضا على أكثر ما ذكرناه.
فصل:
وقوله تعالى: إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى، يدل على صحة السلف في جميع المبيعات وإنما يجوز ذلك إذا جمع الشرطين: تمييز الجنس من غيره مع تحديده بالوصف والثاني ذكر الأجل فيه، فإذا اختل شئ منهما لم يصح السلف وهو بيع مخصوص.
وكل شئ لا يتحدد بالوصف مثل روايا الماء والخبز واللحم لم يصح السلف فيه لأن ذلك لا يمكن تحديده بوصف لا يختلط به سواه، وقال بعض أصحابنا إنه جائز والأول أظهر، وكل شئ يوافق شريعة الاسلام اعتبره المشتري فإنه يلزم، لقوله تعالى: أوفوا بالعقود، ولقول رسول الله ع: المؤمنون عند شروطهم.