معنى الخبر عن النبي ع: رحم الله سهل القضاء سهل الاقتضاء بائعا ومشتريا، ولا ينافي ذلك أن لصاحب الحق والديون وغيرها استيفاء الحق وملازمة صاحبه حتى يستوفيه لأن ذلك مندوب إليه دون أن يكون واجبا.
" وأمر بالعرف " أي المعروف، وهو كل ما حسن في العقل فعله أو في الشرع " وأعرض عن الجاهلين " أمر بالإعراض عن السفيه الذي إن بايعه أو شراه سفه عليه وآذاه، وإلى هذا أشار أمير المؤمنين ع بقوله لأهل السوق كل بكرة يغتدي إليهم: تبركوا بالسهولة واقتربوا من المبتاعين وتناهوا عن اليمين وجانبوا الكذب والظلم ولا تقربوا الربا، وأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين، وإياكم ومخالطة السفلة وهو الذي لا يبالي بما قال وبما قيل له، ولا تعاملوا إلا من يشاء في خير، قال تعالى " وأعرض عن الجاهلين ".
فصل:
قال الله تعالى: وأوفوا الكيل إذا كلتم ولا يكون الوفاء حتى يميل الميزان، وكان عليه السلام يقول: زن يا وزان وأرجح، فلهذا أمرنا أن لا نأخذ إلا ناقصا وأن لا نعطي إلا راجحا.
وقال النبي ع: من باع واشترى فليحفظ خمس خصال وإلا فلا يشتري ولا يبيع: الربا والحلف وكتمان العيب والمدح إذا باع، والذم إذا اشترى.
قال الله تعالى: أحل الله البيع وحرم الربا، وقال: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم، وقال:
يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون.
فلا ينبغي أن يزين متاعه بأن يري جيدة ويكتم رديئه، ولقوله تعالى: وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة، فالغلول الخيانة لأنه تجري في الملك على خفي من غير الوجه الذي يحل كالغلل وهو دخول الماء في خلل الشجر. وإنما خصت الخيانة بالصفة دون السرقة لأنه يجري إليها بسهولة لأنها مع عقد الأمانة، وقال النبي عليه السلام حين مر على رجل يبيع التمر وكان يخلط الردئ بالجيد: من غشنا فليس منا،