والناقد ووزان الذهب والفضة يعينان المشتري فأجرتهما عليه.
والتطفيف التنقيص على وجه الخيانة في الكيل أو الوزن، ولفظة " المطففين " صفة ذم لا يطلق على من طفف شيئا يسيرا إلى أن يصير إلى حال يتفاحش، وفي الناس من قال:
لا يطلق حتى يطفف أقل ما يجب فيه القطع في السرقة لأن ما يقطع فيه فهو كثير، قال ابن عباس: كان أهل المدينة من أخبث الناس كيلا إلى أن أنزل الله تعالى هذه الآية فأحسنوا الكيل، ثم قال تعالى: الذين إذا اكتالوا على الناس، أي أخذوا ما عليهم: وإذا كالوهم أو وزنوهم، كان بعض المفسرين يجعلهم فصلا في موضع رفع بمعنى الفاعل والباقون يجعلونه في موضع نصب، وهو الصحيح.
فصل:
وقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم، يدل على أنه إذا كان لرجل مال فيه عيب وأراد بيعه وجب عليه أن يبين للمشتري عيبه ولا يكتمه أو يتبرأ إليه من المعيوب والأحوط الأول.
قال تعالى: وتخونوا أماناتكم، أي ولا تخونوا أماناتكم وعمومه يدل على أكثر مسائل البيع، فإن لم يبين البائع العيب الذي في المبيع واشتراه انسان فوجد به العيب كان المشتري بالخيار إن شاء رضي به وإن شاء رده بالعيب واسترجع الثمن وإن شاء أخذ الأرش.
وإن اختار فسخ البيع ورد المبيع فإن لم يكن حصل من جهة المبيع نماء رده واسترجع الثمن، وإن حصل نماء وفائدة فلا يخلو أن يكون كسبا من جهة أو نتاجا وثمرة، فإن كان كسبا مثل أن كسب بعمله أو بتجارته أو يوهب له شئ أو يصطاد أو يحتطب فإنه يرد المعيب ولا يرد الكسب، لقول النبي ع: الخراج بالضمان والخراج اسم الفائدة والغلة التي تحصل من جهة المبيع، ومعنى الخبر أن الخراج لمن يكون المال يتلف من ملكه، ولما كان المبيع إن تلف يتلف من ملك المشتري لأن الضمان انتقل إليه كان الخراج له والنتاج والثمرة أيضا للمشتري، وإن حصل من المبيع نماء قبل القبض كان ذلك للبائع إذا أراد الرد بالعيب لأن ضمانه على الظاهر من الخبر على البائع ههنا.