وقال الحسن البصري: إذا افتتح الصلاة على أنه يصلى أربعا أعاد، وإن نوى أن يصلى أربعا بعد أن افتتح الصلاة بنية أن يصلى ركعتين ثم بدا له فسلم في الركعتين أجزأته صلاته.
وقال مالك إذا صلى المسافر أربعا فإنه يعيد ما دام في الوقت، فإذا مضى الوقت فلا إعادة عليه.
وقال: ولو أن مسافرا افتتح المكتوبة ينوي أربعا، فلما صلى ركعتين بدا له فسلم أنه لا يجزئ، فإن كان مالك أراد بإيجاب الإعادة ما دام في الوقت فإسقاطها مع خروجه حال النسيان فهو موافق للإمامية وما أظنه أراد ذلك، وظاهر الكلام يقتضي التعمد، والحجة في مذهبنا الاجماع المتقدم وأيضا فإن فرض السفر الركعتان فيما كان في الحضر أربعا، وليس ذلك برخصة، وإذا كان الفرض كذلك فمن لم يأت به على ما فرض وجبت عليه الإعادة.
فإن قيل: القرآن يمنع مما ذكرتم، لأنه تعالى قال: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة، ورفع الجناح يدل على الإباحة لا على الوجوب.
قلنا: هذه الآية غير متناولة لقصر الصلاة في عدد الركعات، وإنما المستفاد منها التقصير في الأفعال من الإيماء وغيره، لأنه تعالى علق القصر بالخوف، ولا خلاف في أنه ليس من شروط القصر في عدد ركعات الصلاة الخوف، وإنما الخوف شرط في الوجه الآخر وهو الأفعال في الصلاة لأن صلاة الخوف قد أبيح فيها ما ليس مباحا مع الأمن.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن من سفره أكثر من حضره كالملاحين و الجمالين ومن جرى مجراهم لا تقصير عليهم، لأن باقي الفقهاء لا يراعون ذلك. والحجة على ما ذهبنا إليه إجماع الطائفة. وأيضا فإن المشقة التي تلحق المسافر هي الموجبة للتقصير في الصوم والصلاة، ومن ذكرنا حاله ممن سفره أكثر من حضره لا مشقة عليه في السفر، بل ربما كانت المشقة في الحضر لاختلاف العادة، وإذا لم يكن عليه مشقة فلا تقصير عليه.