مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن المسافر يلزمه التقصير ما لم ينو المقام في البلد الذي يدخله عشرة أيام فصاعدا وإذا نوى ذلك وجب عليه الإتمام، لأن من عداهم من الفقهاء يخالف في ذلك. فأبو حنيفة وأصحابه والثوري يقولون: إنه إذا نوى إقامة خمسة عشر يوما أتم وإن نوى أقل من ذلك قصر وقال الشافعي ومالك وهو قول سعيد بن المسيب والليث: إذا نوى إقامة أربعة أيام أتم. وقال الأوزاعي: إذا نوى إقامة ثلاثة عشر يوما أتم. وروي عن ابن حي أنه قال: إن مر المسافر بمصره الذي فيه أهله وهو منطلق ماض في سفره قصر فيه الصلاة ما لم يقم به عشرا، فإن أقام به عشرا أو بغيره من سفره أتم الصلاة، وهذه موافقة من ابن حي لنا على بعض الوجوه لأنه اعتبر العشر في ما نقوله وفيما لا نقول به، وكيف يجوز أن يعتبر العشر في دخول المسافر إلى مصره الذي فيه أهله ووطنه، وهو بدخوله إليه قد خرج من أن يكون مسافرا، وإنما يعتبر مدة الإقامة في من هو مسافر، والمشقة التي يتبعها التقصير زائلة عمن عاد إلى وطنه وحصل بين أهله.
فأما الحجة على أن التحديد الذي ذكرناه أولى من غيره فهو الاجماع المتكرر.
مسألة:
ومما يظن انفراد الإمامية به القول: بأن من تمم الصلاة في السفر يجب عليه الإعادة إن كان متعمدا على كل حال وإن كان أتم ناسيا أعاد ما دام في الوقت، وبعد خروج الوقت لا إعادة عليه، وأكثر الفقهاء يخالفون في ذلك لأن أبا حنيفة وأصحابه يقولون أن قعد في الاثنتين قدر التشهد مضى في صلاته، وإن لم يقعد فصلاته فاسدة.
وقال الثوري: إذا قعد في الاثنتين لم يعد. وقال ابن حي إذا صلى أربعا متعمدا أعاده إذا كان منه الشئ اليسير، فإذا طال ذلك في سفره وكثر لم يعد وهذه موافقة منه للشيعة على بعض الوجوه.
وقال حماد بن أبي سليمان: إذا صلى أربعا أعاد، وهذا وفاق للشيعة لأن ظاهر قوله يقتضي التعمد دون النسيان.