وتظهر فائدة هذه الأداة في تحصيل الفصول والخواص للأشياء، فيستعين بذلك على الحدود والرسوم، وتظهر الفائدة للمجادل، كما لو ادعى خصمه - مثلا - أن شيئين لهما حكم واحد باعتبار تشابهما فيقيس أحدهما على الآخر، أو أن الحكم ثابت للعام الشامل لهما، فإنه - أي:
المجادل - إذا ميز بينهما وكشف ما بينهما من فروق تقتضي اختلاف أحكامهما ينكشف اشتباه الخصم ويقال له مثلا: إن قياسك الذي ادعيته قياس مع الفارق.
مثاله ما تقدم في بحث المشهورات في دعوى منكر الحسن والقبح العقليين، إذ استدل على ذلك بأنه لو كان عقليا لما كان فرق بينه وبين حكم العقل بأن الكل أعظم من الجزء مع أن الفرق بينهما ظاهر، فاعتقد المستدل أن حكمي العقل في المسألتين نوع واحد، واستدل بوجود الفرق على إنكار حكم العقل في مسألة الحسن والقبح. وقد أوضحنا هناك الفرق بين العقلين وبين الحكمين بما أبطل قياسه فكان قياسا مع الفارق. وهذا المثال أحد موارد الانتفاع بهذه الأداة.
الأداة الرابعة: القدرة على بيان التشابه بين الأشياء المختلفة عكس الأداة الثالثة، سواء كان التشابه بالذاتيات أو بالعرضيات. وتحصل هذه القدرة - الملكة - بطلب وجوه التشابه بين الأمور المتباعدة جدا أو المتجانسة، وبتحصيل ما به الاشتراك بين الأشياء وإن كان أمرا عدميا.
ويجوز أن يكون وجه التشابه نسبة عارضة. والحدود في النسبة إما أن تكون متصلة أو منفصلة.
أما المتصلة: فكما لو كان شئ واحد منسوبا أو منسوبا إليه في الطرفين، أو أنه في أحد الطرفين منسوبا وفي الثاني منسوبا إليه، فهذه ثلاثة أقسام: مثال الأول ما لو قيل: نسبة الإمكان إلى الوجود كنسبته إلى العدم. ومثال الثاني ما لو قيل: نسبة البصر إلى النفس كنسبة السمع إليها.