المستمعين وإن كان مشهورا في بادئ الرأي وتذهب شهرته بالتعقيب، إذ ليس فيها رد وبدل ومناقشة وتعقيب، على العكس من الجدل المبني على المحاورة والمناقضة، فلا ينبغي فيه استعمال المشهورات الظاهرية، إذ يعطى بذلك مجال للخصم لنقضها وتعقيبها بالرد.
أما المظنونات والمقبولات فواضح اعتبارها في عمود الخطابة.
- 6 - الاستدراجات بحسب القائل وهي من أقسام ما يقتضي الاستعداد للإقناع وتكون بصناعة وحيلة، وذلك بأن يظهر الخطيب قبل الشروع في الخطابة بمظهر مقبول القول عندهم. ويتحقق ذلك على نحوين:
1 - أن يثبت فضيلة نفسه - إذا لم يكن معروفا لدى المستمعين - إما بتعريفه هو لنفسه أو بتعريف غيره يقدمه لهم بالثناء، بأن يعرف نسبه وعلمه ومنزلته الاجتماعية أو وظيفته إذا كان موظفا أو نحو ذلك.
ولمعرفة شخصية الخطيب الأثر البالغ - إذا كانت له شخصية محترمة - في سهولة انقياد المستمعين إليه والإصغاء له وقبول قوله، فإن الناس تنظر إلى من قال، لا إلى ما قيل، وذلك اتباعا لطبيعة المحاكاة التي هي من غريزة الإنسان، لا سيما في محاكاته لمن يستطيع أن يسيطر على مشاعره وإعجابه، ولا سيما في المجتمعات العامة، فإن غرائز الإنسان - وبالخصوص غريزة المحاكاة - تحيى في حال الاجتماع أو تقوى.
2 - أن يظهر بما يدعو إلى تقديره واحترامه وتصديقه والوثوق بقوله، وذلك يحصل بأمور:
منها: لباسه وهندامه (1)، فاللازم على الخطيب أن يقدر المجتمعين