- 10 - شهادة الحال وهي أيضا من أقسام " النصرة " التي ليست بصناعة وحيلة، ومن أقسام ما يقتضي نفس الإقناع. وهذه الشهادة تحصل: إما بحسب نفس القائل، أو بحسب القول.
1 - ما هي بحسب القائل: إما لكونه مشهورا بالفضيلة من الصدق والأمانة والمعرفة والتمييز، أو معروفا بما يثير احترامه أو الإعجاب به أو التقدير لما يقوله ويحكم به، كأن يكون معروفا بالبراعة الخطابية أو الشجاعة النادرة أو بالثراء الكثير أو بالحنكة السياسية أو صاحب منصب رفيع، أو نحو ذلك. وقد قلنا: إن لمعرفة الخطيب الأثر البالغ في التأثير على المستمعين، فكيف إذا كان محبوبا أو موضع الإعجاب أو الثقة! وكلما كبرت سمعة الخطيب وتمكن حبه واحترامه من القلوب كان قوله أكثر قبولا وأبعد أثرا.
وإما لكونه تظهر عليه أمارات الصدق - وإن لم يكن معروفا بأنحاء المعرفة السابقة - مثل أن تطفح على وجهه أسارير السرور إذا بشر بخير، أو علامات الخوف والهلع إذا أنذر بشر، أو هيئة الحزن إذا حدث عما يحزن... وهكذا.
ولتقاطيع وجه الخطيب وملامحه ونبرات صوته الأثر الفعال في شعور المستمعين بأن ما يقوله كان مؤمنا به أو غير مؤمن به. والوجه الجامد القاحل من التعبير لا يستجيب له المستمع، ولذا اشتهر: " ان الكلمة إذا خرجت من القلب دخلت في القلب " وما هذا إلا لأن إيمان الخطيب بما يقول يظهر على ملامح وجهه ونبرات صوته رضي أم أبى، فيدرك المستمع ذلك حينئذ بغريزته، فيؤثر على شعوره بمقتضى طبيعة المحاكاة والتقليد.