يوجب أن يكون خطابه غامضا - فينبغي أن يوردها مهملة حتى لا يظهر كذبها لو كانت كاذبة، وألا يوردها بعبارة منطقية جافة.
وصنعة الخطابة تعتمد كثيرا على المقدرة في إيراد الضمير أو إهمال الكبرى، فمن الجميل بالخطيب أن يراقب هذا في خطابه. وهذا ما يحتاج إلى مران وصنعة وحذق. والله تعالى قبل ذلك هو المسدد للصواب الملهم للمعرفة.
- 16 - التمثيل سبق أن قلنا (في الفصل 14): إن الخطابة تعتمد على القياس والتمثيل، وفي الحقيقة تعتمد على التمثيل أكثر، نظرا إلى أنه أقرب إلى أذهان العامة وأمكن في نفوسهم. وهو في الخطابة يقع على أنحاء ثلاثة:
1 - أن يكون من أجل اشتراك الممثل به مع المطلوب في معنى عام يظن أنه العلة للحكم في الممثل به، وهذا النحو هو التمثيل المنطقي الذي تقدم الكلام فيه آخر الجزء الثاني (1) 2 - أن يكون من أجل التشابه في النسبة فيهما، كما يقال مثلا: كلما زاد تواضع المتعلم زادت معارفه بسرعة، كالأرض كلما زاد انخفاضها انحدرت إليها المياه الكثيرة بسرعة.
وكل من هذين القسمين قد يكون الاشتراك والتشابه في النسبة حقيقة.
وقد يكون بحسب الرأي الواقع، كقوله تعالى: * (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) * (2) أو كقوله تعالى:
* (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل