وقد تقول: " هذا ناطق وكل ناطق إنسان " فتكتفي بالمقدمتين عن ذكر النتيجة، لأنها معلومة. وقس على ذلك ما يمر عليك.
كسب المقدمات بالتحليل:
أظنكم تتذكرون أنا في أول الكتاب ذكرنا أن العقل تمر عليه خمسة أدوار لأجل أن يتوصل إلى المجهول. وقلنا: إن الأدوار الثلاثة الأخيرة منها هي " الفكر " وقد طبقنا هذه الأدوار على كسب التعريف في آخر الجزء الأول. والآن حل الوقت الذي نطبق فيه هذه الأدوار على كسب المعلوم التصديقي بعدما تقدم من درس أنواع القياس. فلنذكر تلك الأدوار الخمسة لنوضحها.
1 - مواجهة المشكل ولا شك أن هذا الدور لازم لمن يفكر لكسب المقدمات لتحصيل أمر مجهول، لأنه لو لم يكن عنده أمر مجهول مشكل قد التفت إليه وواجهه فوقع في حيرة من الجهل به لما فكر في الطريق إلى حله، ولذا يكون هذا الدور من مقدمات الفكر لا من الفكر نفسه.
2 - معرفة نوع المشكل والغرض من معرفة نوعه أن يعرف من جهة الهيئة أنه قضية حملية أو شرطية، متصلة أو منفصلة، موجبة أو سالبة، معدولة أو محصلة، موجهة أو غير موجهة، وهكذا... ثم يعرفه من جهة المادة أنه يناسب أي العلوم والمعارف أو أي القواعد والنظريات. ولا شك أن هذه المعرفة لازمة قبل الاشتغال بالتفكير وتحصيل المقدمات، وإلا لوقف في مكانه وارتطم ببحر من المعلومات لا تزيده إلا جهلا فيتلبد ذهنه ولا يستطيع الانتقال إلى