الجزء الثاني إلى أن الاستقراء التام يرجع إلى القياس المقسم (1) فراجع.
أما الاستقراء الناقص المبني على المشاهدة فقط فإنه لا يفيد اليقين، لأنه لا يرجع إلى القياس ولا يعتمد عليه. فاتضح بالأخير أن المفيد لليقين هو القياس فقط.
وليس معنى ذلك: أن العلوم تستغني عن الاستقراء والتمثيل أو التقليل من شأنهما في العلوم، بل العلوم الطبيعية بأنواعها وعلم الطب ونحوه كلها تبتني على المجربات التي لا تحصل للعقل بدون الاستقراء والتمثيل، ولكن إنما تفيد اليقين حيث تعتمد على القياس. فرجع الأمر كله إلى القياس.
- 3 - البرهان لمي وإني إن العمدة في كل قياس هو الحد الأوسط فيه، لأنه هو الذي يؤلف العلاقة بين الأكبر والأصغر، فيوصلنا إلى النتيجة (المطلوب). وفي البرهان خاصة لابد أن يفرض الحد الأوسط علة لليقين بالنتيجة، أي: لليقين بنسبة الأكبر إلى الأصغر، وإلا لما كان الاستدلال به أولى من غيره. ولذا يسمى الحد الأوسط " واسطة في (2) الإثبات ".
وعليه فالحد الأوسط إما أن يكون - مع كونه واسطة في الإثبات - واسطة في الثبوت أيضا، أي: يكون علة لثبوت الأكبر للأصغر، وإما أن لا يكون واسطة في الثبوت.
فإن كان الأول (3) - أي: أنه واسطة في الإثبات والثبوت معا - فإن