خلي الإنسان وعقله المجرد وحسه ووهمه ولم تحصل له أسباب الشهرة الآتية، فإنه لا يحصل له حكم بهذه القضايا ولا يقضي عقله أو حسه أو وهمه فيها بشئ.
ولا ينافي ذلك أنه بنفسه يمدح العادل ويذم الظالم، ولكن هذا غير الحكم بتطابق الآراء عليها (1). وليس كذلك حال حكمه بأن الكل أعظم من الجزء كما تقدم، فإنه لو خلي ونفسه كان له هذا الحكم.
وعلى هذا فيكون الفرق بين المشهورات (2) واليقينيات - مع أن كلا منهما تفيد تصديقا جازما - أن المعتبر في اليقينيات كونها مطابقة لما عليه الواقع ونفس الأمر المعبر عنه بالحق واليقين، والمعتبر في المشهورات مطابقتها لتوافق (3) الآراء عليها، إذ لا واقع لها غير ذلك. وسيأتي ما يزيد هذا المعنى توضيحا.
ولذلك ليس المقابل للمشهور هو " الكاذب " (4) بل الذي يقابله " الشنيع " وهو الذي ينكره الكافة أو الأكثر. ومقابل الكاذب هو الصادق.
أقسام المشهورات (5):
اعلم أن المشهورات قد تكون مطلقة، وهي المشهورة عند الجميع.
وقد تكون محدودة، وهي المشهورة عند قوم دون قوم، كشهرة امتناع التسلسل عند المتكلمين (6). وتنقسم أيضا إلى جملة أقسام بحسب اختلاف أسباب الشهرة. وهي حسب الاستقراء يمكن عد أكثرها كما يلي:
وتنقسم أيضا إلى: حقيقية وظاهرية وشبيهة بالمشهورات. وسيأتي بيانها في صناعة الجدل - المبحث السابع من الباب الأول - كما سيأتي هناك زيادة توضيح عن المشهورات. (*)