وفي هذا العصر يمهد خطباء المنبر الحسيني أمام مقصودهم من ذكر فاجعة الطف ببيان أمور تأريخية أو أخلاقية أو دينية من موعظة ونحوها، وما ذاك إلا لجلب انتباه السامعين أو لإثارة شعورهم وانفعالاتهم مقدمة للغرض الأصلي من ذكر الفاجعة.
- 14 - صور تأليف الخطابة (1) ومصطلحاته قد قلنا في الجدل: إن المعول في تأليف صوره غالبا على القياس والاستقراء، وفي الخطابة أكثر ما يعول على القياس والتمثيل وإن استعمل الاستقراء أحيانا.
ولا يجب في القياس وغيره عند استعماله هنا أن يكون يقينيا من ناحية تأليفه، أي: لا يجب أن يكون حافظا لجميع شرائط الإنتاج، بل يكفي أن يكون تأليفه منتجا بحسب الظن الغالب وإن لم يكن منتجا دائما، كما لو تألف القياس مثلا على نحو الشكل الثاني من موجبتين، كما يقال:
" فلان يمشي متأنيا فهو مريض " فحذفت كبراه الموجبة وهي " كل مريض يمشي متأنيا " مع أن الشكل الثاني من شروطه اختلاف المقدمتين بالكيف.
وكذلك قد يستعمل التمثيل في الخطابة خاليا من جامع حيث يفيد الظن بأن هناك جامعا، مثل أن يقال: " مر بالأمس من هناك رجل مسرع وكان هاربا، واليوم يمر مسرع آخر من هنا، فهو هارب ".
وكذلك يستعمل الاستقراء فيها بدون استقصاء لجميع الجزئيات، مثل أن يقال: " الظالمون قصير والأعمار، لأن فلان الظالم وفلان وفلان قصير، الأعمار " فيعد جزئيات كثيرة يظن معها إلحاق القليل بالأعم الأغلب.