لا يعلمان الإنسان النطق وإنما يعلمانه تصحيح النطق، فكذلك علم المنطق لا يعلم الإنسان التفكير، بل يرشده إلى تصحيح التفكير.
إذا فحاجتنا إلى المنطق هي تصحيح أفكارنا، وما أعظمها من حاجة!
ولو قلتم: إن الناس يدرسون المنطق ويخطئون في تفكيرهم فلا نفع فيه.
قلنا لكم: إن الناس يدرسون علمي النحو والصرف فيخطئون في نطقهم، وليس ذلك إلا لأن الدارس للعلم لا يحصل على ملكة العلم، أو لا يراعي قواعده عند الحاجة، أو يخطئ في تطبيقها، فيشذ عن الصواب.
تعريف علم المنطق:
ولذلك عرفوا علم المنطق بأنه " آلة قانونية (1) تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر ". فانظر إلى كلمة " مراعاتها " واعرف السر فيها كما قدمناه، فليس كل من تعلم المنطق عصم عن الخطأ في الفكر، كما أنه ليس كل من تعلم النحو عصم عن الخطأ في اللسان، بل لا بد من مراعاة القواعد وملاحظتها عند الحاجة ليعصم ذهنه أو لسانه.
المنطق آلة:
وانظر إلى كلمة " آلة " في التعريف وتأمل معناها، فتعرف أن المنطق إنما هو من قسم العلوم الآلية التي تستخدم لحصول غاية، هي غير معرفة نفس مسائل العلم، فهو يتكفل ببيان الطرق العامة الصحيحة التي يتوصل بها الفكر إلى الحقائق المجهولة، كما يبحث علم " الجبر " عن طرق حل المعادلات التي بها يتوصل الرياضي إلى المجهولات الحسابية.