تمهيد:
تقدم أن للقياس (1) مادة وصورة، والبحث عنه يقع من كلتا الجهتين.
وما تقدم في الباب الخامس كان بحثا عنه من جهة صورته - أي:
هيئة تأليفه - على وجه لو تألف القياس بحسب الشروط التي للهيئة وكانت مقدماته - أي مواده - مسلمة صادقة كان منتجا لا محالة، أي:
كانت نتيجته صادقة تبعا لصدق مقدماتها. ومعنى ذلك: أن القياس إذا احتفظ بشروط الهيئة فإن مقدماته لو فرض صدقها فإن صدقها يستلزم صدق النتيجة.
ولا يبحث هناك عما إذا كانت المقدمات صادقة في أنفسها أم لا، بل إنما يبحث عن الشروط التي بموجبها يستلزم صدق المقدمات صدق النتيجة على تقدير فرض صدق المقدمات.
وقد حل الآن الوفاء بما وعدناك به من البحث عن القياس من جهة مادته (2). والمقصود من المادة مقدماته في أنفسها مع قطع النظر عن صحة تأليفها بعضها مع بعض. وهي تختلف من جهة الاعتقاد بها والتسليم