ومن أجل هذا كان الناس - لغلبة الوهم على نفوسهم - بين مجسم وملحد. وقل من يتنور بنور العقل ويجرد نفسه عن غلبة أوهامها، فيسموا بها إلى إدراك ما لا يناله الوهم. ولذا قال تعالى في كتابه المجيد: * (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) * (1) فنفى الإيمان عن أكثر الناس. ثم هؤلاء المؤمنون القليلون قال عنهم: * (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) * (2) يعني أنهم في حين إيمانهم هم مشركون. وما ذلك إلا لأنهم لغلبة الوهم إنما يعبدون الأصنام التي ينحتونها بأوهامهم، وإلا كيف يجتمع الإيمان والشرك في آن واحد إذا أريد بالشرك من الآية معناه المعروف!
وهو العبادة للأصنام الظاهرية.
والخلاصة: ان القضايا الوهمية الصرفة التي نسميها " الوهميات " هي عبارة عن أحكام الوهم في المعاني المجردة عن الحس. وهي قضايا كاذبة لا ظل لها من الحقيقة، ولكن بديهة الوهم لا تقبل سواها، ولذلك يستخدمها المغالط في أقيسته، كما سيأتي في " صناعة المغالطة ". إلا أن العقل السليم من تأثير الوهم يتجرد عنه ولا يخضع لحكمه، فيكشف كذب أحكامه للنفس.
- 5 - المسلمات (3) وهي قضايا حصل التسالم بينك وبين غيرك (4) على التسليم بأنها صادقة، سواء كانت صادقة في نفس الأمر، أو كاذبة كذلك، أو مشكوكة (5).