وأما الوزن من ناحية ماهيته فإنما يبحث عنه في علم الموسيقى، ومن ناحية استعماله وكيفيته فيبحث عنه في علم العروض.
وأما الألفاظ: فهي من شأن علوم اللغة وعلوم البلاغة والبديع.
وعلى هذا فلابد للشاعر من معرفة كافية بهذه الفنون إما بالسليقة أو بالتعلم والممارسة، مع ذوق يستطيع به أن يدرك جزالة اللفظ وفصاحته ويفرق بين الألفاظ من ناحية عذوبتها وسلاستها. والناس تتفاوت تفاوتا عظيما في أذواقها وإن كان لكل أمة ولكل أهل لغة ذوق عام مشترك.
وللممارسة وقراءة الشعر الكثير الأثر الكبير في تنمية الذوق وصقله.
أما القضايا المخيلات: فليس لها قاعدة مضبوطة يمكن تحريرها والرجوع إليها، لأنها ليست من قبيل القضايا المشهورات والمظنونات يمكن حصرها وبيان أنواعها، إذ القضايا المخيلات - كما سبق - كلما كانت بعيدة نادرة وغريبة مستبعدة كانت أكثر تأثيرا في التخييل والتذاذ النفس. وقد سبق أيضا بيان السبب الحقيقي في انفعال النفس بهذه القضايا.
وعليه، فالقضايا المخيلات لا يمكن حصرها في قواعد مضبوطة، بل الشعراء " في كل واد يهيمون " وليس لهم طريق واحد مستقيم معلوم.
من أين تتولد ملكة الشعر؟
لا يزال غير واضح لنا سر ندرة الشعراء الحقيقيين في كل أمة، بل لا تجد من كل أمة من تحصل له قوة الشعر في رتبة عالية فينبغ فيه ويتمكن من الإبداع والاختراع إلا النادر القليل وفي فترات متباعدة قد تبلغ القرون.
ومن العجيب! أن هذه الملكة - على ما بها من اختلاف في الشعراء قوة وضعفا - لا تتولد في أكثر الناس، وإن شاركوا الشعراء في تذوق الشعر وممارسته وتعلمه.
وكل ما نعلمه عن هذه الملكة أنها موهبة ربانية كسائر مواهبه تعالى