من المعنيين على حدة، فإنه يمكن أن نقيس اللفظ إلى ما يقابله، فنرى في المثال: أن اللفظ بحسب كل معنى يقابله لفظ آخر وليس له مقابل واحد، فمقابل القوة بالمعنى الأول " الضعف " ومقابلها بالمعنى الثاني " الفعلية " ولتعدد التقابل نستظهر أن لها معنيين لا معنى واحدا وإلا لكان لها مقابل واحد.
وكذلك يمكن أن تستظهر أن للفظة معنيين على نحو الاشتراك اللفظي إذا تعدد جمعها بتعدد معناها، مثل لفظة " أمر " فإنها بمعنى " شئ " تجمع على " أمور " وبمعنى طلب الفعل تجمع على " أوامر " فلو كان لها معنى واحد مشترك لكان لها جمع واحد.
ثم إن كثيرا ما تقع المنازعات بسبب عدم تحقيق معنى اللفظ، فينحو كل فريق من المتنازعين منحى من معنى اللفظ غير ما ينحوه الفريق الآخر ويتخيل كل منهما أن المقصود لهما معنى واحد هو موضع الخلاف بينهما. ومن له خبرة في أحوال اللفظ يستطيع أن يكشف مثل هذه المغالطات ويوقع التصالح بين الفريقين. ويمكن التمثيل لذلك بالنزاع في مسألة " جواز رؤية الله " فيمكن أن يريد من يجيز الرؤية هي الرؤية القلبية - أي: الإدراك بالعقل - بينما أن المقصود لمن يحيلها هي الرؤية بمعنى الإدراك بالبصر. فتفصيل معنى " الرؤية " وبيان أن لها معنيين قد يزيل الخلاف والمغالطة. وهكذا يمكن كشف النزاع في كثير من الأبحاث. وهذا من فوائد هذه الأداة.
الأداة الثالثة: القدرة والقوة على التمييز بين المتشابهات سواء كان التمييز بالفصول أو بغيرها. وتحصل هذه القوة - الملكة - بالسعي في طلب الفروق بين الأشياء المتشابهة تشابها قريبا، لا سيما في تحصيل وجوه اختلاف أحكام شئ واحد، بل تحصل بطلب المباينة بين الأشياء المتشابهة بالجنس.