بل لا يحسن أن يعقبه بكل كلام يظهر مغلوبيته وعجزه، فإن ذلك قد يثير الجمهور نفسه ويسقط احترامه عندهم فيخسر تقديرهم من حيث يريد النجاح والغلبة.
- 2 - تعليمات للمجيب (1) إن " المجيب " - كما قدمنا - مدافع عن مهاجمة خصمه (السائل).
والمدافع - غالبا - أضعف كفاحا من المهاجم وأقرب إلى المغلوبية، لأن المبادأة بيد المهاجم، فهو يستطيع أن ينظم هجومه بالأسئلة كيف يشاء، ويترك منها ما يشاء. والمجيب على الأكثر مقهور على مماشاة السائل في المحاورة.
وعلى هذه فمهمة المجيب أشق وأدق، واللازم له عدة طرق مترتبة يسلكها بالتدريج أولا فأولا، فإن لم يسلك الأول أخذ بالثاني... وهكذا.
وهي حسب الترتيب:
أولا: أن يحاول الالتفاف على السائل، بأن يحور الكلام - إن استطاع - فيعكس عليه الدائرة بتوجيه الأسئلة مهاجما، ولابد أن السائل له وضع يلتزم به يخالف وضع المجيب، فينقلب حينئذ المهاجم مدافعا والمدافع مهاجما. وبهذه الطريقة يصبح أكثر تمكنا من الأخذ بزمام المحاورة، بل يصبح في الحقيقة هو السائل.
ثانيا: إذا عجز عن الطريقة الأولى - وهي الالتفاف - يحاول إرباك السائل وإشغاله بأمور تبعد عليه المسافة كسبا للوقت كيما يعد عدته للجواب الشافي، مثل أن يجد في أسئلته لفظا مشتركا فيستفسر عن معانيه