المبحث الثالث أجزاء الصناعة العرضية (1) وهي الأمور الخارجة عن نفس متن التبكيت، ومع ذلك موجبة لوقوع الغير في الغلط.
ويلتجئ إليها غالبا من يقصر باعه عن مجاراة خصمه بالكلام المقبول والقياس الذي عليه سمة البرهان أو الجدل. والحقد على الخصم والتعصب الأعمى لرأي أو مذهب هما اللذان يدعوان خفيف الميزان في المعرفة إلى اتخاذ هذه السبل في المغالطة، حينما يعجز عن المغالطة في نفس القياس التبكيتي.
ومن نافلة القول أن نذكر أن أكثر من يتصدى للخصام والجدل في العقائد والنقد والرد في المذاهب الاجتماعية والسياسية، هم من أولئك خفيفي الميزان، وإلا فالعلماء والمثقفون أكثر أدبا وصونا لكلامهم وحرصا على سلامة بيانهم، وإن تعصبوا وغالطوا. أما طلاب الحق المخلصون له من العلماء فهم النخبة المختارة من البشر الذين يندر وجودهم ندرة الماس في الفحم، لا يتعصبون لغير الحق ولا يغالطون إلا في الحق، رحمة بالناس وشفقة على عقائدهم، والحقيقة عندهم فوق جميع الاعتبارات،