الطريق منحصر بنوعين من القسمة: القسمة الطبيعية بالتحليل العقلي وتسمى طريقة التحليل العقلي، والقسمة المنطقية الثنائية. ونحن أشرنا في غضون (1) كلامنا في التعريف والقسمة إلى ذلك، وقد جاء وقت بيانه، فنقول:
طريقة التحليل العقلي إذا توجهت نفسك نحو المجهول التصوري المشكل، ولنفرضه " الماء " مثلا عندما يكون مجهولا لديك (وهذا هو الدور الأول (2)) فأول ما يجب:
أن تعرف نوعه (3) أي: تعرف أنه داخل في أي جنس من الأجناس العالية أو ما دونها، كأن تعرف أن الماء مثلا من السوائل (وهذا هو الدور الثاني) وكلما كان الجنس الذي عرفت دخول المجهول تحته قريبا كان الطريق أقصر لمعرفة الحد أو الرسم. وسيتضح.
وإذا اجتزت الدور الثاني - الذي لابد منه لكل من أراد التفكير بأية طريقة كانت - انتقلت إلى الطريقة التي تختارها للتفكير، ولابد أن تتمثل فيها الأدوار الثلاثة الأخيرة أو الحركات الثلاث التي ذكرناها للفكر:
الذاهبة والدائرية والراجعة.
تقدم في مبحث " تعريف الفكر " ص 11 أن الأدوار التي تمر على العقل لتحصيل المجهول خمسة: اثنان منها مقدمة للفكر، وثلاثة هي الفكر التي سميناها بالحركات. وهذا البحث هنا موقع تطبيق هذه الأدوار على تحصيل المجهول التصوري. وسيأتي في موضعه موقع تطبيقها على تحصيل المجهول التصديقي. وهذا البحث بمجموعه وبيان الأدوار قد امتاز بشرحه كتابنا على جميع كتب المنطق القديمة والحديثة.
(3) يعرف منه: أن النوع في قوله: " تعرف نوعه " وفي قولهم: " الدور الثاني معرفة نوع المشكل " ليس بمعناه المنطقي بل بمعناه العرفي اللغوي وهو الجنس. (*)