- 1 - حقيقة البرهان إن العلوم الحقيقية التي لا يراد بها إلا الحق الصراح لا سبيل لها إلا سبيل البرهان، لأنه هو وحده - من بين أنواع القياس الخمسة - يصيب الحق ويستلزم اليقين بالواقع. والغرض منه معرفة الحق من جهة ما هو حق، سواء كان سعي الإنسان للحق لأجل نفسه ليناجيها به وليعمر عقله بالمعرفة، أو لغيره لتعليمه وإرشاده إلى الحق.
ولذلك يجب على طالب الحقيقة ألا يتبع إلا البرهان، وإن استلزم قولا لم يقل به أحد قبله.
وقد عرفوه (1) بأنه: " قياس مؤلف من يقينيات ينتج يقينا بالذات اضطرارا " وهو نعم التعريف! سهل واضح مختصر.
ومن الواضح أن كل حجة لابد أن تتألف من مقدمتين، والمقدمتان قد تكونان من القضايا الواجبة القبول، وهي اليقينيات التي مر ذكرها، وقد لا تكونان منها، بل تكون واحدة منهما أو كلتاهما من أنواع القضايا الأخرى السبع التي تقدم شرحها في مقدمة هذا الباب.