- 8 - المخيلات (1) (2) وهي قضايا ليس من شأنها أن توجب تصديقا، إلا أنها توقع في النفس تخييلات (3) تؤدي إلى انفعالات نفسية، من انبساط في النفس أو انقباض، ومن استهانة بالأمر الخطير أو تهويل أو تعظيم للشئ اليسير، ومن سرور وانشراح أو حزن وتألم، ومن شجاعة وإقدام أو جبن وإحجام (4).
وتأثير هذه القضايا - التي هي مواد صناعة الشعر كما سيأتي - في النفس ناشئ من تصوير المعنى بالتعبير تصويرا خياليا خلابا وإن كان لا واقع له (5).
وكلما استعملت المجازات والتشبيهات والاستعارات وأنواع البديع في مثل هذه القضايا كانت أكثر تأثيرا في النفس، لأن هذه المزايا تضفي على الألفاظ والمعاني جمالا يستهوي المشاعر ويثير التخيلات. وإذا انضم إليها الوزن والقافية أو التسجيع والازدواج زاد تأثيرها. ثم يتضاعف الأثر إذا كان الصوت المؤدي لها رقيقا ومشتملا على نغمة موسيقية مناسبة للوزن ونوع التخييل.
كل ذلك يدل على أن المخيلات ليس تأثيرها في النفس لأجل كونها تتضمن حقيقة يصدق بها، بل حتى لو علم كذبها فإن لها ذلك التأثير المنتظر منها. وما ذلك إلا لأن التصوير فيها للمعنى مع ما ينضم إليه من