وكل خطيب في أي صنف من أصناف المفاوضات الخطابية له أنواع خاصة وقواعد كلية تخصه يستفيد منها في خطابه، فلذلك اقتضى أن ننبه على بعض هذه الأنواع في أصناف الخطابة للاستيناس وللتنبيه على نظائرها، كما صنعنا في مواضع الجدل، فنقول:
- 2 - الأنواع المتعلقة بالمنافرات تقدم في البحث 13 معنى " المنافرات " (1) أنها التي تثبت مدحا أو ذما، إما للأشخاص أو للأشياء باعتبار ما هو حاصل في الحال، فيقرر الخطيب فضيلته أو نفعه في المدح أو يقرر ضدهما في الذم. وإنما سميت " منافرات " فلأن بها يتنافر الناس ويختلفون، ويروم بعضهم قهر بعض بقوله وبيانه.
ومن هذه الناحية تشبه الخطابة الجدل، وإنما الفرق من وجهين:
1 - إنه في الخطابة ينفرد الخطيب في ميدانه، وفي الجدل يكون الكلام للخصمين سؤالا وجوابا وردا وبدلا.
2 - إن غرض الخطيب أن يبعث المستمعين على عمل الأفعال الحسنة والتنفر من الأفعال السيئة لا لمجرد المدح والذم، والمجادل ليس غرضه إلا التغلب على خصمه، وليس همه أن يعمل به أحد أو لا يعمل.
وبالاختصار: غرض الخطيب إقناع الغير بفضل الفاضل ونقص المفضول ليعمل على مقتضى ذلك، وغرض المجادل إرغام الغير على الاعتراف بذلك.
وبين الأسلوبين بون بعيد، فإن الأول يتطلب الرفق واللين والاستحواذ