أما الظاهرة: فعلى الأغلب تقع في القياس البسيط، كالمثال المتقدم.
وأما الخفية: فعلى الأغلب تقع في الأقيسة المركبة، إذ تكون النتيجة فيها بعيدة عن المقدمة في الذكر. ولأجل هذا تكون أكثر رواجا على المخاطبين المغفلين. وكلما كانت أبعد في الذكر كانت المصادرة أخفى وأقرب إلى القبول.
مثال ذلك قولهم في علم الهندسة:
إذا قاطع خط خطين متوازيين، فإن مجموع الزاويتين الحادثتين الداخلتين من جهة واحدة يساوي قائمتين... هذا هو مطلوب (أي: نتيجة).
وقد يستدل عليه بقياس مركب بأن يقال مثلا: لو لم يكن مجموعهما يساوي قائمتين لتلاقي الخطان المتوازيان، ولو تلاقيا لحدث مثلث زاويتان منه فقط تساوي قائمتين. هذا خلف، لأن المثلث دائما مجموع زواياه كلها تساوي قائمتين.
فإنه بالأخير استدل على تساوي مجموع الزاويتين الداخلتين من جهة واحدة للقائمتين بتساويهما للقائمتين. وهي مصادرة باطلة قد تخفى على المغفل لتركب الاستدلال وبعد النتيجة عن المقدمة التي هي نفسها.
واعلم أن المصادرة إنما تقع بسبب اشتراك الحد الأوسط مع أحد الحدين الآخرين في واحدة من المقدمتين، فلابد أن تكون هذه المقدمة محمولها وموضوعها شيئا واحدا حقيقة. أما المقدمة الثانية فلابد أن تكون نفس المطلوب - النتيجة - كما يتضح ذلك في مثال القياس البسيط.
والمصادرة - على هذا - ترجع في الحقيقة إلى أن القياس يكون فيها مؤلفا من مقدمة واحدة.
7 - وضع ما ليس بعلة علة (1):
تقدم في بحث البرهان: أن البرهان يتقوم بأن يكون الأوسط علة