السلب. فهو أيضا معناه سلب الضرورة، ولكن سلب ضرورة واحدة لا الضرورتين معا، فإذا كان سلب " ضرورة الإيجاب " فمعناه: أن طرف السلب ممكن، وإذا كان سلب " ضرورة السلب " فمعناه: أن طرف الإيجاب ممكن.
فلو قيل: " هذا الشئ ممكن الوجود " أي: أنه لا يمتنع، أو فقل: إن ضرورة السلب - وهي الامتناع - مسلوبة. وإذا قيل: " هذا الشئ ممكن العدم " أي: أنه لا يجب، أو فقل: إن ضرورة الإيجاب - وهي الوجوب - مسلوبة، ولذا عبر عنه الفلاسفة بقولهم: " هو سلب الضرورة عن الطرف المقابل " أي مع السكوت عن الطرف الموافق، فقد يكون مسلوب الضرورة وقد لا يكون.
وهذا الإمكان هو الشايع استعماله عند عامة الناس والمتداول في تعبيراتهم. وهو كما قلنا أعم من الإمكان الخاص، لأنه إذا كان إمكانا للإيجاب فإنه يشمل الوجوب والإمكان الخاص، وإذا كان إمكانا للسلب فإنه يشمل الامتناع والإمكان الخاص.
مثال إمكان الإيجاب - قولهم: " الله ممكن الوجود " و " الإنسان ممكن الوجود " فإن معناه في المثالين أن الوجود لا يمتنع، أي: أن الطرف المقابل - وهو عدمه - ليس ضروريا، ولو كان العدم ضروريا لكان الوجود ممتنعا لا ممكنا، وأما الطرف الموافق - وهو ثبوت الوجود - فغير معلوم (1) فيحتمل أن يكون واجبا كما في المثال الأول، ويحتمل ألا يكون واجبا كما في المثال الثاني، بأن يكون ممكن العدم أيضا، أي: أنه ليس ضروري الوجود كما لم يكن ضروري العدم، فيكون ممكنا بالإمكان الخاص.
فشمل هنا " الإمكان العام " الوجوب والإمكان الخاص.