بالقرآن والحديث المتواتر والاجماع من الأمة ان الباري سميع بصير واختلفوا في اندراجهما تحت مطلق العلم ورجوعهما إلى العلم بالمسموعات والمبصرات أو كونهما صفتين زائدتين على مطلق العلم فبعض المتكلمين كأشياخنا الامامية ومنهم المحقق الطوسي ره وكالشيخ الأشعري ومتابعيه وفاقا لجمهور الفلاسفة النافين لعلمه بالجزئيات وبما سوى ذاته من الهويات على الوجه المخصوص الوجودي الشهودي ارجعوهما إلى مطلق العلم فأولوا السمع إلى نفس العلم بالمسموعات والبصر إلى نفس العلم بالمبصرات وبعضهم جعلهما ادراكين حسيين اما بناء على اعتقاد التجسم أو مباشره الأجسام في حقه تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا أو اعتقاد ان الاحساس في حقه لبرائته عن القصور والافتقار إلى الاله يحصل بغير آله وان لم يحصل فينا لقصورنا الا بالإله وهذا الكلام مجمل ان صدر عن عالم راسخ في الحكمة يحتمل وجها صحيحا الا ان كثيرا من أرباب التكلم وأهل الجدال لم يتفطنوا ان الاحساس بعينه نفس القصور في المدرك والمدرك جميعا والحاصل ان السمع والبصر له اما نفس الاحساس بالمعنى الذي عرفه الناس أو مطلق العلم بالمسموعات والمبصرات.
والتحقيق ان السمع والبصر مفهوماهما غير مفهوم العلم وانهما علمان مخصوصان زائدان على مطلق العلم وهما أيضا إذا حصل مفهوماهما مما يصح عند العقل عروضه لمطلق الموجود بما هو موجود بحيث لا يستلزمان تجسما ولا تغيرا ولا انفعالا في معروضهما فلا بد من اثباتهما له فإنك بعد ما علمت أن مناط الجزئية والشخصية ليس مجرد الاحساس حتى لا يتشخص شئ الا عند الحس بل مناطها هو نحو الوجود الخاص وان الوجود والتشخص شئ واحد بالحقيقة متغاير بالمفهوم وانك قد علمت أن الحق يعلم الهويات الخارجية بشخصياتها على وجه يكون وجودها في نفسها هو حضورها عنده ومعلوميتها له وهذا الشهود الاشراقي المتعلق بالمسموعات والمبصرات زائد