قوله هذا الشك مما لم يبلغني عن أحد من السابقين واللاحقين شئ في دفاعه والوجه في ذلك أنه إذا انساقت العلل والأسباب المترتبة المتأدية بالانسان إلى أن يتصور فعلا ويعتقد فيه خيرا ما انبعث له تشوق إليه لا محاله فإذا تأكد هيجان الشوق واستتم نصاب اجماعه تم قوام الإرادة المستوجبة اهتزاز العضلات والأعضاء الأدوية فان تلك الهيئة الإرادية حاله شوقية اجمالية للنفس بحيث إذا ما قيست إلى الفعل نفسه وكان هو الملتفت إليه بالذات كانت هي شوقا إليه وإرادة له وإذا قيست إلى اراده الفعل وكان الملتفت إليه هي نفسها لا نفس الفعل كانت هي شوقا وإرادة بالنسبة إلى الإرادة من غير شوق آخر وإرادة أخرى جديدة وكذلك الامر في اراده الإرادة وإرادة إرادة الإرادة إلى سائر المراتب التي في استطاعه العقل ان يلتفت إليها بالذات ويلاحظها على التفصيل فكل من تلك الإرادات المفصلة يكون بالإرادة وهي بأسرها مضمنة في تلك الحالة الشوقية الإرادية والترتب بينها بالتقدم والتأخر عند التفصيل ليس يصادم اتحادها في تلك الحالة الاجمالية بهيئتها الوجدانية فان ذلك انما يمتنع في الكمية الاتصالية والهوية الامتدادية لا غير فلذلك بان ان المسافة الأينية يستحيل ان تنحل إلى متقدمات ومتأخرات بالذات هي اجزاء تلك المسافة وابعاضها بل انما يصح تحليلها إلى اجزائها وابعاضها المتقدمة والمتأخرة بالمكان.
فأقول فيه أولا ان التحليل العقلي للشئ الموجب بحكم العقل بان الخارج بالتحليل متقدم على ذلك الشئ انما يجرى في أمور لها جهة تعدد بحسب مرتبه من مراتب نفس الامر وجهه وحده في الواقع كاجزاء الحد من الجنس والفصل في المهية البسيطة الوجود كالسواد مثلا فان للعقل ان يعتبر له بحسب مهيته جزء جنسيا كاللونية وجزء فصليا كالقابضية للبصر فيحكم بعد التحليل بتقدمهما في ظرف التحليل على المهية المحدودة بها ثم بتقدم فصله على جنسه مع أن الكل موجود بوجود واحد واما في غيرها فالحكم بتعدده وتفصيله إلى ما يجرى مجرى الاجزاء له ليس الا مما يخترعه العقل من غير حاله باعثه إياه بحسب الامر في نفسه.
واما ثانيا فيلزم عند التحليل والتفصيل لها وبحسبهما اجتماع المثلين بل الأمثال