انه يجب على الله اعطاء الثواب (1) والعوض للآلام في الآخرة والاخلال بالواجب يدل اما على الجهل واما على الحاجة وهما محالان على الله والمؤدي إلى المحال محال فيستحيل من الله ان لا يعطى الثواب والعوض وإذا استحال عدم الاعطاء لزم وجوب الاعطاء فاذن صدور هذا الفعل عنه واجب مع أنه مقدور له فعلم أن كون الفعل واجبا بالتفسير الذي ذكرناه لا يمنع كونه مقدورا انتهى كلامه بألفاظه وهو أقرب إلى نيل الحق من سائر ما أورده في كتبه ومؤلفاته وليس في هذه المرتبة ما ذكره في كتاب المحصل من قوله مسألة الإرادات تنتهي إلى اراده ضرورية دفعا للتسلسل وذلك يوجب الاعتراف باسناد الكل إلى قضاء الله وقدره فقال الناقد المحقق أقول قبل استناد الكل إلى قضاء الله اما ان يكون بلا توسط في الايجاد للشئ أو يكون بتوسط والأول لا يقتضى انتهاء الإرادات إلى ارادته والثاني لا يناقض القول بالاختيار فان الاختيار هو الايجاد بتوسط القدرة والإرادة سواء كانت تلك القدرة والإرادة من فعل الله بلا توسط أو بتوسط شئ آخر فاذن من قضاء الله وقدره وقوع بعض الأفعال تابعا لاختيار فاعله ولا يندفع هذا الا بإقامة البرهان على أن لا مؤثر في الوجود الا الله انتهى.
أقول الفرق متحقق بين قولنا لا موجود الا والحق مؤثر فيه وعلة قريبه لايجاده بلا توسط وبين قولنا لا مؤثر فيه الا الله (2) والأول هو الصحيح دون الثاني لما مضى في الفصل السابق ان حيثية نسبه الفعل إلى العبد هي بعينها حيثية نسبته إلى الرب وان الفعل صادر من العبد من الوجه الذي هو صادر من الرب.
وبالجملة تحقيق هذه المسألة الشريفة وهي توحيد الافعال من عظائم المسائل الإلهية ولم يتيسر لاحد من الحكماء وغيرهم مع ادعاء أكثر الحكماء بل كلهم