يكون أولى باسم النور لأنه أشد وأقوى في الظهور كما يفرض ضوء داخل من القمر في كوه بيت واقعا على مرآة منصوبه على حائط ومنعكسا منها على حائط آخر في مقابلته ثم منه إلى الأرض فأنت تعلم أن ما في الأرض من النور تابع لما في الحائط وهو لما في المرآة وهو لما في القمر وهو تابع لما في الشمس إذ نور القمر مستفاد منها وهذه الأنوار الأربعة مترتبة في النورية بعضها أكمل من بعض ولكل منها مقام معلوم لترتبها في الوجود فكذلك قد انكشف لأرباب البصائر بالبرهان والكشف معا ان الأنوار الملكوتية عقلية كانت أو نفسية انما وجدت من نور الأنوار على ترتيب كذلك وان الأقوى هو النور الأقرب إلى النور الأقصى الذي لا نهاية له في الشدة وكل ما هو أشد قربا منه فهو أكمل نورا وأقوى معرفه بنفسه وبربه وكلما هو أبعد فهو انقص نورا وأقل علما واضعف وجودا حتى ينتهى إلى عالم الاظلال ثم إلى الظلمات وتلك الأنوار كلها مراتب علمه بذاته ومنازل لطفه ورحمته فافهم إن شاء الله تعالى.
تفريع مهما عرفت ان النور هو الوجود لأنه يلزمه الظهور وله مراتب ومراتبه مراتب الوجود بعينها فاعلم أنه لا ظلمه أشد من كتم العدم لان المظلم انما سمى في العرف مظلما لأنه ليس للابصار إليه سبيل إذ ليس موجودا للبصر وإن كان موجودا في نفسه فالذي ليس بموجود لا لغيره ولا لنفسه فهو أولى بان يسمى مظلما لأنه الغاية في الظلمة فإذا تقرر هذا فنقول ليس في الوجود ما هو مظلم بالحقيقة والا لكان معدوما صرفا بل الذي يمكن تحققه هو المركب الممتزج نوره الوجودي بظلمات امكاناته وجهاته العدمية وذلك كالأجسام وأحوالها لأنها زمانية الوجود ومكانيته فكلما وجدت في حد منهما عدمت عن سائر الحدود