الممكنات وماهياتها فان لها نحوين من الوجود كما وقع التنبيه عليه أحدهما النحو الاجمالي الواجبي وهذا بالحقيقة ليس وجودا لشئ منها ولا لجميعها بل لجمعيتها ومسماها وانما هو مظهر لها وثانيهما النحو التفصيلي الخاص بواحد واحد منها فأراد الله تعالى بعنايته الشاملة ورحمته الواسعة ان يفيض عليها وجوداتها المختصة وان يكمل وجودها العلمي بوجودها العيني والغاية والغرض في هذه الإرادة ليس أمرا غير نفسه إذ هي كلها راجعه إلى صفاته (1) وصفاته عين ذاته ولذلك قال لبعض أنبيائه ع وقد سئله لم خلقت الخلق يا رب بقوله كنت كنزا مخفيا لم اعرف فخلقت الخلق لأعرف فهذه المعرفة التفصيلية للعارف بالله وأسمائه و صفاته لم تحصل على الكمال الا بهذا الوجود التفصيلي فكملت مراتب العلم بالله لا ان الله يكمل بهذا الوجود أو بهذا العلم فتجلى الحق سبحانه وتعالى بنفسه لنفسه بأنوار السبحات الوجهية فظهرت الأرواح المهيمة (2) في الغيب المستور الذي لا يمكن كشفه لاحد وانما يقال لهم المهيمون لان كل واحد منهم لا يعرف ان ثمة موجودا غير الحق لفنائه بالحق في الحق عن نفسه إذ لا نفس له سوى الموجودة بالحق لاستيلاء سلطان الأحدية على وجودهم فمن لا وجود له منفصلا عن الحق فلا معرفه له الا للحق بالحق فلا يعرفون سواه إذ المعرفة فرع الوجود ثم أوجد الحق تعالى دون هؤلاء الأرواح بتجل آخر ليس الأول وبالجملة أول ما أوجد الله تعالى من عالم العقول القادسة جوهر بسيط كلي ومع بساطته هو جميع العقول كما أن فلك الأفلاك عند بعض عبارة عن مجموع الأفلاك (3) وهو الحق عندنا (4) أثبتناه بالبرهان فله وجوه كثيره لا يتكثر في ذاته
(٣٠١)