وأنت الكتاب المبين الذي * بآياته يظهر المضمر واعلم أن النفس الانسانية إذا كملت وبلغت غايتها في الاستكمال وتجردت بعد ترقياتها وتحولاتها وتبدل نشأتها إلى أن تصل بالعالم العلوي صارت كتابا علويا إلهيا كما أشير إليه بقوله تعالى ان كتاب الأبرار لفي عليين الآية وإذا ضلت عن الطريق واتبعت الهوى والجهالات واحترقت بنار الشهوات صارت بقوته الوهمية كتابا شيطانيا مشحونا بأنواع الكذب والمغالطة والهذيان وكل كتاب هذا شانه من حقه ان يطرح في النار فمن حق هذه الصحيفة الشيطانية ان تقع في نار السعير كما أشار إليه بقوله تعالى ان كتاب الفجار لفي سجين وكما أن القوى الشاعرة التي لسائر الحيوانات (1) وهي كتابها وصحيفة أعمالها تحترق بنار الطبيعة في هذا العالم فان الطبيعة المستولية على الأجسام الطبيعية سيما على النبات والحيوان الفاعلة فيها للإحالة والإذابة والهضم عند أهل البصيرة نار محرقة تذيب الأجسام و تحيلها بالتلطيف والتصعيد إلى القوى والأرواح كفعل هذه النار المحسوسة في المركبات بالإحالة والإذابة والتبديل فكذلك نار الآخرة توقد في القلوب القاسية و النفوس العاصية وتحرقها وتعذبها بشعلاتها وحرقاتها المنبعثة من الغضب والحسد والحقد والعداوة والبغضاء فان هذه كلها عند أهل الكشف الأخروي ويقال له كشف الصور نيرانات وشعلات كامنة الان تعلقت بنفوس الأشقياء والفجار محرقة لها معذبة إياها ماحية لما يرتسم في كتابها من الاعتقادات الباطلة والآراء المذمومة فعلى هذا المثال وما يشبهه يجب ان يحمل كون كتاب
(٢٩٧)