النفوس في النار لا ما يفهمه الظاهرية العاكفة على باب الحس في جميع الأمثال قال الله تعالى وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون فإياك يا أخا الحقيقة وسالك طريق الحق ان تفهم من قلم الله ولوحه ما يفهمه المشبهة من كون القلم آلة جمادية متخذا من القصب أو الحديد واللوح ذا صفحه ملساء متخذا من خشب أو زمرد قياسا على قلم الآدمي ولوحه بل كما لا يقاس ولا يشبه ذات الله و صفاته ذات الخلق وصفاتهم كذلك لا يشبه قلمه ولوحه وكتابه قلمهم ولوحهم و كتابتهم على انك لو نظرت في مدلولات هذه الألفاظ وجردتها عن الزوائد غير الداخلة في أصل مفهومها وروح معناها وجدت ان هذه الخصوصيات ككونها قصبا أو خشبا أو مدادا خارجه عن أصل ماهيتها وروح حقيقتها فان معنى الكتابة تصوير الحقائق على ايه صوره كانت ومعنى اللوح الجوهر القابل لذلك التصوير سواء كانت جسما محسوسا أو جسما غير محسوس كما إذا رأيت في المنام انك تكتب على لوح أو كان غير جسم كروح أو نفس فإذا علمت هذا فحمل هذه الأمور على ما يناسب الإلهية أولى من حملها على ما يناسب الخلق فاستقم واتبع الهدى ولا تتبع الهوى.
تمثيل ان الفطرة الانسانية الكاملة لكونها مخلوقه على صوره الرحمن مشتملة على مراتب العلم على مثال مراتبه التي للواجب وذلك لان للأفعال الصادرة عن الانسان من لدن ظهورها من بواطنها وبروزها من مكامن غيبها إلى مظاهر شهاداتها أربع مراتب لكونها أولا في مكمن عقله البسيط الذي هو غيب غيوبه في غاية الخفا كأنها غير مشعور بها ثم تنزل إلى حيز قلبه ومرتبة نفسه عند استحضارها بالفكر وأخطارها بالبال كليه وفي هذه المرتبة تحصل للانسان التصورات الكلية وكبريات القياس عند الطلب للامر الجزئي المنبعث عنه العزم على الفعل ثم تنزل إلى مخزن خياله متشخصة جزئيه وهو موطن التصورات الجزئية وصغريات القياس ليحصل بانضمامها إلى تلك الكبريات رأى جزئي ينبعث عنه القصد الجازم للفعل ثم تتحرك أعضاؤه عند اراده اظهاره فيظهر في الخارج كذلك فيما يحدث في هذا العالم الطبيعي من الصور والاعراض فالمرتبة الأولى بمثابة العلم الاجمالي والثانية بمثابة صوره