الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٩٢
الموجودات فائضة عنه تعالى على سبيل الابداع دفعه بلا زمان لكونها (1) عندهم من جمله العالم ومن أفعال الله المبائنة ذواتها لذاته وعندنا صور علمية لازمه لذاته بلا جعل وتأثير وتأثر وليست من اجزاء العالم إذ ليست لها حيثية عدمية ولا امكانات واقعية فالقضاء الربانية وهي صوره علم الله قديمه بالذات باقيه ببقاء الله كما مر بيانه.
واما القدر (2) فهو عبارة عن وجود صور الموجودات في العالم النفسي

(1) تعليل لقولهم فائضة عنه تعالى وانما كانت من أفعال الله تعالى مع كونها علمه وعلمه صفته لأنها علمه الفعلي أي في مرتبه الفعل بمعنى المفعول ولأن محله الفعل ويطلق القضاء على نفس العقول لكونها محله وعلى ما هو التحقيق من كون الصور القضائية هي النحو الاعلى من المقضيات ظاهر س قده (2) القدر كميه الشئ وهندسته وحده وتقديره تعيين حدوده وخصوصيات وجوده وأكثر ما يقصد ويعمل انما هو في الصناعات كما أن الخياط يقدر الثوب قبل ان يبزه ويخيطه والنجار يقدر الخشب ليصنع منه مثلا كرسيا بصفة كذا وكذا والقالب يقدر المادة المقلوبة على ما يعطيها من الكم والشكل والهيئة وغيرها وإذا طبقنا مفهومه على الوجود الحقيقي كان مصداقه ما يعطيه العلل الناقصة للمعلول من خصوصيات الوجود وخواصه وآثاره فان لكل من العلل الأربع والشرائط والمواقع وسائر الأسباب المعدة اثرا في المعلول ولها ولسائر العوامل الحافة حول المعلول آثارا في خواصه وآثاره فجملتها كالقالب الذي يعين للمقلوب ما له من خصوصيات الوجود والآثار.
ومن هنا يظهر أولا ان القدر ربما يتخلف عن مقتضاه وذلك إذا كان ملحوظا بالنسبة إلى بعض اجزاء العلة التامة دون مجموعها وثانيا ان موطن القدر هو عالم المادة الذي تتكثر فيه العلل وتتعاون وتتزاحم واما عالم التجرد فكل علة فيه واحده تامه لانتفاء العلة المادية والصورية والشرائط والمعدات والموانع فلا يبقى الا العلة الفاعلية والغائية وهما في الفاعل المجرد التام الفعلية متحدان وثالثا ان القضاء أعم موردا من القدر لاختصاص القدر بالماديات بخلاف القضاء نعم لو عمم القدر بحيث يعم كل حد حتى الحدود الماهوية كان مثل القضاء في شموله المادي والمجرد وفي عدم التخلف ط مد ظله
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست