مصداقا لصدقها والحكم بها من غير ملاحظة امر غيرها والواجب تعالى لا جهة فيه تخالف جهة وجوب الوجود فكل ما يصح الحكم به عليه يصح من جهة وجوب الوجود لا من جهة أخرى يخالفه كالامكان والتركيب والقصور والمعلولية والتأخر والعجز وغير ذلك.
فان قلت فلم حكموا بالتركيب ولو عقلا فيما يشتمل ذاته أو حده على الجنس والفصل كالحيوان والناطق في الانسان وكاللون وقابض البصر في السواد قلت لان الاختلاف بالمعنى الجنسي والمعنى الفصلي في مثل هذه الموجودات الطبيعية يرجع إلى اختلاف في أنحاء الوجودات فان الحيوانية الطبيعة المطلقة قد توجد في نحو ناقص من الوجود يستحيل ان يقترن معها النطق بل الموضوع الواحد قد يتصف وقتا بنحو من أنحاء وجود الحيوانية يمتنع ان يكون حينئذ وبحسب ذلك الوجود ناطقا ثم إذا تحول من ذلك الوجود وانتقل إلى وجود آخر أقوى وأكمل يصير ناطقا فاختلاف أحوال الوجود وأنحائها وانفكاك بعضها عن بعض مما يقتضى التركيب في الذات الموصوفة بها والتعدد في قواها ومن هذا الوجه أثبت الحكماء الطبيعيون تعدد القوى الحيوانية وغيرها في النفس أو من جهة تضاد الحيثيات وتقابلها.
ومن الأمور الواجبة ادراكها (1) وتحقيقها لمن أراد ان يكون رجلا عارفا