لم يملكه صاحب البيض والبذر لا قبل ذلك، فمن حق العامل - وإن كان غاصبا - أن يمتلكه على أساس عمله.
وليس المهم هنا حل هذا التناقض فقهيا بين هذين الرأيين وتمحيص وجهات النظر فيهما، وإنما نستهدف الاستفادة من مدلوله النظري في موقفنا المذهبي من النظرية لأن هذا النزاع الفقهي يكشف بوضوح أكثر عن الحقيقة التي كشف عنها فقرات أخرى في البناء العلوي، وهي أن منح صاحب الصوف ملكية النسيج وصاحب كل مادة ملكية تلك المادة بعد ممارستها في عملية الإنتاج لا يقوم على أساس أن الصوف والمادة الأولية نوع من رأس المال في عملية الغزل والنسيج. وإنما يقوم على أساس ظاهرة الثبات في الملكية التي تقرر أن من يملك مادة يظل محتفظا بملكيته لها ما دامت المادة قائمة والمبررات الإسلامية للملكية باقية، فإن الفقهاء حين اختلفوا في ملكية الناتج من البيض أو البذر، ربطوا موقفهم الفقهي من ذلك بوجهة نظرهم في طبيعة الصلة بن المادة والنتيجة. وهذا يعني أن من منح المغصوب منه ملكية الناتج لم يقل بذلك على أساس مفهوم رأسمالي، ولم يرجح ملكية صاحب البيض والبذر لأنه هو المالك لرأس المال أو النوع منه في عملية الإنتاج، إذ لو كان هذا هو الأساس في الترجيح لما اختلفت النتيجة الفقهية في رأي الفقهاء تبعا لوحدة المادة والنتيجة وتعددهما، لأن المادة رأس مال في عملية الإنتاج على كل حال، سواء استهلكت خلال العملية أم تجسدت في المنتوج الذي أسفر عنه العمل، فكان لزاما على الفقهاء من وجهة نظر كانت العلاقة بينه وبين المادة ولكنهم خلافا لوجهة النظر هذه لم يمنحوا مالك المادة - كالبذر مثلا - حق ملكية الزرع إلا إذا ثبت في العرف العام أن المنتوج هو نفس المادة في حالة معينة من التطور، وهذا يقرر بوضوح أن منح ملكية السلعة المنتجة لمالك المادة لا العامل يقوم على أساس ما أطلقنا عليه اسم ظاهرة الثبات في الملكية ولا يستمد مبرره الإسلامي من وجهة النظر الرأسمالية التي تقوم: إن السلعة المنتجة يملكها رأس المال، وأن العامل أجير