أيضا عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه، طوقه الله يوم القيمة من سبع أرضين. (1) فإذا كان حظر ذلك وتحريمه ثابتا بما ذكرناه فكل من كان له مال فهو أحق به وبالتصرف فيه من غيره، ولا يحل لغيره أن يأخذ منه إلا ما أعطاه صاحبه عن طيب نفس منه ومن أخذ مال غيره بغير طيب نفس منه وجب رده عليه إن كان باقيا. فإن كان تالفا كان عليه عوضه أو قيمته على ما يأتي تفصيله.
فإن لم يعرف صاحبه أودعه في بيت مال المسلمين إلى أن يحضر صاحبه أو وارثه ويأخذه. فإن كان زمانه زمان سلاطين الجور وولاته، تصدق به عنه، وكان عليه القيام لصاحبه بالعوض إن حضر ولم يرض بالصدقة، وعليه مع ذلك النقل إليه من جنسه لذلك عنه (2) والتوبة إلى الله سبحانه منه.
فأما تفصيل أحكام ذلك فعلى ما نذكره: إذا غصب إنسان غيره شيئا من الأدهان والأقطان والتمور والحبوب والثمار والجلود التي ليس فيها ماء وما يجري مجرى ذلك وجب عليه رده على صاحبه إن كان باقيا على ما قدمناه. وإن كان تالفا وجب عليه المثل لأن ذلك مما له مثال. فإن أعوز المثل ولم يقدر عليه كان عليه القيمة، فإن لم يقبض القيمة حتى مضت مدة اختلف القيمة فيها - كان له القيمة في وقت القبض لا وقت الإعواز.
فإن لم تكن العين تالفة - فيحكم فيها بما ذكرناه وكانت موجودة - فجنى عليها جناية نقصت منها شيئا، أو غصب تمرا أو طعاما فتسوس (3) وجب عليه أرش ما نقص، وليس يجب عليه هاهنا مثل. لأن ما نقص ليس له مثل وكان الضمان عليه بالأرش دون غيره فإن غصب ما لا مثل له وكان من جنس الأثمان ولا صنعة فيه، مثل