بحكمين، لكل حكم نصيبه البليغ من الحكمة والفائدة يتجلى بهما بليغ فلسفة الشرع وسر التشريع:
أحد الحكمين: تحريم مقاربة الحائض في الوقاع في مكان الحيض خاصة، وعللته بأنه أذى.
وثاني الحكمين: انتهاء التحريم بحصول النقاء والطهارة.
أما الحكمة في الحكم الأول فقد ذكر علماء التشريح وأهل الفن من علماء الفسيولوجيا والحاذقون من الأطباء، وبينوا حال الرحم في حال الحيض، وذكروا أن المهبل وقصبة الرحم وقاعدته والمبيضين والأغشية وكل أجزاء الرحم حين نزف الدم يكون في حالة مخالفة لحالته عند خلوه من ذلك، فإن أجزاءه المشتغلة بقذف الدم تخرج عن حالتها الطبيعية وتحدث فيها تشنجات والتهابات يؤثر عليها في تلك الحال كل عارض جسماني أو نفساني، فإذا عرضت مع نزف الدم عارضة الشهوة للرحم وإنزال المني للحائض، اشتغل الرحم بما يعاكس شغل نزف الدم، فتعاكس الأمران وتختل جميع أجزاء الرحم، وربما أدى ذلك إلى ضرر بليغ ومرض شديد، وقد يؤدي إلى الهلاك، وإذا علقت المرأة بالجنين في تلك الحال، تكون الجنين ضعيف العضل، مختل العصب والدماغ، غير متناسب الأعضاء، وربما ولد معتوها أو مجنونا أو أبله في أكثر الأحيان، وإذا عرض للحائض عارض نفساني من فرح أو حزن شديدين أدى ذلك - في الغالب - إلى أمراض عصبية أو قلبية ربما جرت إلى الفلج الشقي أو التام أو السكتة أو الهلاك، وإذا جامع الرجل زوجته الحائض سرت حالة الرحم والتهاباته إلى قصبة الذكر وأفسدت الغدد المنوية والمثانة والأنثيين، وربما أدت إلى خلل والتهابات في الكليتين وأبطلت عملهما الفسيولوجي، ثم من بعد ذلك الورم العام وحبس البول والهلاك، ولذلك حرمت الشريعة ببالغ حكمة الله