أليس ورائي أن تراخت منيتي * لزوم العصى تحنى عليها الأصابع وقال عبيد:
أليس ورائي أن تراخت منيتي * أدب مع الولدان أزحف كالنسر وقال المرقس:
ليس على طول الحياة ندم * ومن وراء المرء ما لا يعلم وهذه التصريحات مضافا إلى الاستعمالات شاهد صدق على صحة استعمال وراء بمعنى أمام وقدام ألا تبقى معها شبهة للمشبهين، وهل هي على هذا من المشترك اللفظي: بمعنى أن لفظ وراء موضوعة لكل من المعنيين من الخلف والأمام وضعا استقلاليا على حدة، فيكون استعمال اللفظ في كل منهما على سبيل الحقيقة، أو هي موضوعة لأحدهما دون الآخر فيكون الاستعمال في أحدهما على سبيل الحقيقة، وفي الآخر على سبيل المجاز؟ هذا شئ لا يهمنا تحقيق حقيقته في هذا المقام.
نعم، أفاد شيخنا الحجة المجاهد البلاغي (قدس سره) - وببالي أنه سبقه إلى ذلك بعض كبار العلماء ولعله سيدنا الإمام علم الهدى رضوان الله عليه -، أفاد شيخنا البلاغي في كتابه " الهدى " - وكفى به هدى للمهتدين -: أن لو راء معنى وحدانيا يمثل في كل من الأمام والخلف على جهة واحدة على اختلاف ما لهما من موارد الاستعمالات في الشعر والنثر، وهو أنها كناية عن كون مصروفها طالبا مستوليا كاستيلاء الطالب وقدرته على أخذ المطلوب إذا كان من وراء، كما قال تأبط شرا:
وراء الثار مني ابن أخت * مصغ عقدته لا تحل وقد يشهد لصحة ما رآه هذا الإمام المجاهد (قدس سره) كثير من آيات الكتاب العزيز