ذريعة للوقيعة بقدسية القرآن الكريم، ذلك أنهم فسروا ألقاب بأنه هو ما بين مقبض القوس وسيته، فلكل قوس على هذا التفسير قابان، فمن أجل ذلك انبرى بعض المغرضين - جهلا - إلى تغليط القرآن الكريم بأن الوجه أن يقال: قابي قوس، وما غلط القرآن الكريم - وحاشاه من الغلط والشطط - ولكنهم هم الذين غلطوا لو كانوا يعقلون.
ذلك أننا نقول: أولا: لنا أن نفسر ألقاب بهذا المعنى المذكور ولا اعتراض، ذلك أنك قد عرفت في صدر هذا المقال أن القرآن عربي وما نزل إلا على الأمة العربية، وللأمة العربية في استعمالاتها كيفيات من الأساليب، ولا عيب على القرآن إن جرى في كلامه مجاريا لهم على تلك الأساليب، وقد جاء كثيرا في كلام الأمة العربية نوع من الكلام يقال له: القلب، كما ورد عنهم قولهم: " كما طينت بالفدن السياع " يعني كما طينت الفدن بالسياع، أي الطين بالقصر، ولهذا النوع أمثال كثيرة يكفينا منها القليل عن الكثير فماذا على القرآن من شئ إذا جرى معهم في هذه الآية على ذلك من الاستعمال، وهو استعمال عربي جرى عندهم بكثرة واطراد لا بقلة وشذوذ.
ونقول: ثانيا: بأن هذا اللفظ جار على حاله ولا قلب هناك، ذلك أن اللغويين كما ذكروا أن ألقاب له ذلك المعنى السابق ذكره، ذكروا أيضا أن ألقاب معناه القدر، فيكون معنى الآية على هذا قوسين، وقد قال اللغويون: إن ألقاب والقيب والقاد والقيد بمعنى واحد، وهو القدر، وإذا فسر ألقاب بهذا المعنى فليس المراد من القوس حينئذ هو الآلة المعروفة، بل القوس ما يقاس به الشئ، وفسر في المقام بأن المراد قدر ذراع أو ذراعين.
وقد نقلوا عن ابن السكيت أنه قال: يقال قاس الشئ يقوسه قوسا لغة في قاسه يقيسه إذا قدره. وقد استشهد اللغويون والمفسرون على مجئ ألقاب بمعنى